وعائشة وأبي أمامة أنهم كرهوا ذلك للنساء وكرهه أيضا إبراهيم والحسن ومسروق وابن سيرين والأوزاعي وأحمد وإسحاق وقال الثوري اتباع النساء الجنائز بدعة وعن أبي حنيفة لا ينبغي ذلك للنساء وروى إجازة ذلك عن ابن عباس والقاسم وسالم والزهري وربيعة وأبي الزناد ورخص فيه مالك وكرهه للشابة وعند الشافعي مكروه وليس بحرام ونقل العبدري عن مالك يكره إلا أن يكون الميت ولدها أو والدها أو زوجها وكانت ممن يخرج مثلها لمثله وقال ابن حزم لا يمنعن من اتباعها وآثار النهي عن ذلك لا تصح لأنها إما عن مجهول أو مرسلة أو عمن لا يحتج به وأشبه شيء فيه حديث الباب وهو غير مسند لأنا لا ندري من هو الناهي ولعله بعض الصحابة ثم لو صح مسندا لم يكن فيه حجة بل كان يكون على كراهة فقط وقد صح خلافه روى ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه كان في جنازة فرأى عمر رضي الله تعالى عنه امرأة فصاح بها فقال له رسول الله دعها يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب قلت أخرج الحاكم هذا وقال صحيح على شرط الشيخين وفيه نظر لأن البيهقي نص على انقطاعه وفي سنده سلمة بن الأزرق قال ابن القطان سلمة هذا لا يعرف حاله ولا أعرف أحدا من مصنفي الرجال ذكره وروى الحاكم قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا نافع بن يزيد أخبرني ربيعة ابن سيف حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قبرنا مع رسول الله رجلا فلما رجعنا وحاذينا بابه إذا هو بامرأة لا نظنه عرفها فقال يا فاطمة من أين جئت قالت جئت من أهل الميت رحمت إليهم ميتهم وعزيتهم قال فلعلك بلغت معهم الكدي قالت معاذ الله أن أبلغ معهم الكدى وقد سمعتك تذكر فيه ما تذكر قال لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يرى جد أبيك والكدى المقابر قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قلت كيف يقول على شرط الشيخين وربيعة بن سيف لم يخرج له أحد منهما وقال الداودي قولها نهينا عن اتباع الجنائز أي إلى أن نصل إلى القبور وقولها ولم يعزم علينا أي لا نأتي أهل الميت فنعزيهم ونترحم على ميتهم من غير أن نتبع جنازته وقال بعضهم وفي أخذ هذا التفصيل من هذا السياق نظر قلت وفي نظره نظر لأن الحديث الذي رواه الحاكم عن عبد الله بن عمرو المذكور يساعده وقيل يحتمل أن يكون المراد بقولها ولم يعزم علينا أي كما عزم على الرجال بترغيبهم في اتباعها بحصول القيراط ونحو ذلك انتهى وأحسن حالات المرأة مع الجنازة أنها لا توجد في حضورها وقال الحازمي أما باتباع الجنازة فلا رخصة لهن فيه وقد روي عن يزيد بن أبن حبيب أن رسول الله حضر جنازة رجل فلما وضعت ليصلى عليها أبصر امرأة فسأل عنها فقيل هي أخت الميت فقال لها إرجعي فلم يصل عليها حتى توارت وقال لامرأة أخرى إرجعي وإلا رجعت .
03 - .
( باب حد المرأة على غير زوجها ) .
أي هذا باب في بيان إحداد المرأة على غير زوجها والإحداد بكسر الهمزة من أحدت المرأة على زوجها تحد فهي محدة إذا حزنت عليه ولبست ثياب الحزن وتركت الزينة وكذلك حدت المرأة من الثلاثي تحد من باب نصر ينصر وتحد بكسر الحاء من باب ضرب يضرب فهي حادة وقال الجوهري أحدت المرأة أي امتنعت من الزينة والخضاب بعد وفاة زوجها وكذلك حدت حدادا ولم يعرف الأصمعي إلا أحدت فهي محدة وفي بعض النسخ باب حداد المرأة بغير همزة على لغة الثلاثي وفي بعضها باب حد المرأة من مصدر الثلاثي وأبيح للمرأة الحداد لغير الزوج ثلاثة أيام وليس ذلك بواجب وقال ابن بطال أجمع العلماء على أن من مات أبوها أو ابنها وكانت ذات زوج وطالبها زوجها بالجماع في الثلاثة الأيام التي أبيح لها الإحداد فيها أنه يقضي له عليها بالجماع فيها وقوله على غير زوجها يشمل كل ميت غير الزوج سواء كان قريبا أو أجنبيا وأما الحداد لموت الزوج فواجب عندنا سواء كانت حرة أو أمة وكذلك يجب على المطلقة طلاقا بائنا مطلقا وقال مالك والشافعي وأحمد لا يجب ولا يجب على ذمية ولا صغيرة عندنا خلافا لهم فإن قلت لم يقيد في الترجمة بالموت قلت قال بعضهم لم يقيده في الترجمة بالموت لأنه مختص به عرفا وظاهر الترجمة ينافي ما قاله فكان البخاري لا يرى أنه مختص به عنده فترك التقييد به