قوله فقال أليس الله نهاك أي فقال عمر للنبي أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين وكلمة أن مصدرية تقديره نهاك من الصلاة عليهم أخذ ذلك عمر رضي الله تعالى عنه من قوله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ( التوبة 08 ) وبهذا يدفع من يستشكل في قول عمر رضي الله تعالى عنه هذا فإن قوله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ( التوبة 48 ) نزل بعد ذلك كما يقتضيه سياق حديث الباب فإن قلت ليس فيه الصلاة قلت لما كانت الصلاة تتضمن الاستغفار وغيره أولها على ذلك وقال الإسماعيلي الإستغفار والدعاء يسمى صلاة قوله أنا بين خيرتين تثنية خيرة على وزن عنبة إسم من قولك إختاره الله أي أنا مخير بين أمرين وهما الاستغفار وعدمه فإيهما أردت إختاره وقال الداودي هذا اللفظ أعني قوله أنا بين خيرتين غير محفوظ لأنه خلاف ما رواه أنس وأرى رواية أنس هي المحفوظة لأنه قال هناك أليس قد نهاك الله تعالى أن تصلي على المنافقين ثم قال فنزلت ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ( التوبة 48 ) جعل النهي بعد قوله أليس قد نهاك وقال صاحب ( التوضيح ) بل هو أي قوله أنا بين خيرتين محفوظ وكان عمر رضي الله تعالى عنه فهم النهي من الاستغفار لاشتمالها عليه وقال صاحب ( التلويح ) الصحيح ما رواه أنس رضي الله تعالى عنه وإنما فعل ذلك رجاء التخفيف قوله قال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة ( التوبة 48 ) ذكر السبعين على التكثير وروي أنه قال لأستغفرن لهم أكثر من سبعين فنزلت سواء عليهم استغفرت لهم ( المنافقون 6 ) الآية فتركه واستغفار الشارع لسعة حمله عمن يؤذيه أو لرحمته عند جريان القضاء عليهم أو إكراما لولده وقيل معنى الآية الشرط أي إن شئت فاستغفر وإن شئت فلا نحو قوله تعالى قل انفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ( التوبة 35 ) وقيل معناه هما سواء وقيل معناه المبالغة في اليأس وقال الفراء ليس بأمر إنما هو على تأويل الجزاء وقال ابن النحاس منهم من قال استغفر لهم ( التوبة 08 ) منسوخ بقوله ولا تصل ( التوبة 48 ) ومنهم من قال لا بل هي على التهديد وتوهم بعضهم أن قوله لا تصل ( التوبة 48 ) ناسخ له لقوله وصل عليهم ( التوبة 301 ) وهو غلط فإن تلك نزلت في أبي لبابة وجماعة معه لما ربطوا أنفسهم لتخلفهم عن تبوك .
ذكر ما يستفاد منه فيه دلالة على الكفن في القميص وسواء كان القميص مكفوف الأطراف أو غير مكفوف ومنهم من قال إن القميص لا يسوغ إلا إذا كانت أطرافه غير مكفوفة أو كان غير مزرر ليشبه الرداء ورد البخاري ذلك بالترجمة المذكورة وفي ( الخلافيات ) للبيهقي من طريق ابن عون قال كان محمد بن سيرين يستحب أن يكون قميص الميت كقميص الحي مكففا مزررا وفيه النهي عن الصلاة على الكافر الميت وهل يجوز غسله وتكفينه ودفنه أم لا فقال ابن التين من مات له والد كافر لا يغسله ولده المسلم ولا يدخله قبره إلا أن يخاف أن يضيع فيواريه نص عليه مالك في ( المدونة ) وروى أن عليا رضي الله تعالى عنه جاء إلى رسول الله فأخبره أن أباه مات فقال إذهب فواره ولم يأمره بغسله وروى أنه أمره بغسله ولا أصل له كما قال القاضي عبد الوهاب وقال الطبري يجوز أن يقوم على قبر والده الكافر لإصلاحه ودفنه قال وبذلك صح الخبر وعمل به أهل العلم وقال ابن حبيب لا بأس أن يحضره ويلي أمر تكفينه فإذا كفن دفنه وقال صاحب ( الهداية ) وإن مات الكافر وله ابن مسلم يغسله ويكفنه ويدفنه بذلك أمر علي رضي الله تعالى عنه في حق أبيه أبي طالب وهذا أخرجه ابن سعد في ( الطبقات ) فقال أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن علي قال لما أخبرت رسول الله بموت أبي طالب بكى ثم قال لي إذهب فاغسله وكفنه وواره قال ففعلت ثم أتيته فقال لي إذهب فاغتسل قال وجعل رسول الله يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته حتى نزل جبرائيل E بهذه الآية ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ( التوبة 311 ) الآية وقال صاحب ( الهداية ) لكن يغسل غسل الثوب النجس ويلف في خرقة من غير مراعاة سنة التكفين من اعتبار عدد وغير حنوط وبه قال الشافعي وقال مالك وأحمد ليس لولي الكافر غسله ولا دفنه ولكن قال مالك له مواراته وفيه فضيلة عمر رضي الله تعالى عنه وفيه في قول عمر رضي الله تعالى عنه أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين جواز الشهادة على الأنسان بما فيه في الحياة والموت عند الحاجة وإن كانت مكروهة وفيه جواز المسألة لمن عنده جدة تبركا