يتوضأ يدل على أن الغاسل ليس عليه وضوء فوقع التطابق من هذه الحيثية وقال بعضهم وقيل تعلق هذا الأثر وما بعده بالترجمة من جهة أن المصنف يرى أن المؤمن لا ينجس بالموت وأن غسله إنما هو للتعبد لأنه لو كان نجسا لم يطهره الماء والسدر ولا الماء وحده ولو كان نجسا ما مسه ابن عمر ولغسل ما مسه من أعضائه قلت ليس بين هذا الأثر وبين الترجمة تعلق أصلا من هذه الجهة البعيدة والذي ذكرناه هو الأوجه نعم هذا الذي ذكره يصلح أن يكون وجه التطابق بين الترجمة وبين أثر ابن عباس الآتي لأن إيراده أثر ابن عباس في هذا الباب يدل على أنه يرى فيه رأي ابن عباس ويفهم منه أن غسل الميت عنده أمر تعبدي وإن كان قوله باب غسل الميت أعم من ذلك لكن إيراده أثر ابن عباس وأثر سعد والحديث المعلق يدل على ذلك فافهم .
وقال هذا القائل أيضا وكأنه أشار إلى تضعيف ما أخرجه أبو داود من طريق عمرو بن عمير عن أبي هريرة مرفوعا من غسل الميت فليغتسل ومن حمله فليتوضأ رواته ثقات إلا عمرو بن عمير فليس بمعروف وروى الترمذي وابن حبان من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه نحوه وهو معلول لأن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة وقال ابن أبي حاتم عن أبيه الصواب عن أبي هريرة موقوف وقال أبو داود بعد تخريجه هذا منسوخ ولم يبين ناسخه وقال الذهلي فيما حكاه الحاكم في ( تاريخه ) ليس فيمن غسل ميتا فليتغسل حديث ثابت انتهى قلت إيش وجه إشارة البخاري بهذه الترجمة إلى تضعيف الحديث المذكور فأي عبارة تدل على هذا بدلالة من أنواع الدلالات وهذا كلام واه .
قلت أما حديث أبي داود فقد قال في ( سننه ) حدثنا أحمد بن صالح أخبرنا ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ذئب عن القاسم ابن عباس عن عمرو بن عمير عن أبي هريرة أن رسول الله قال من غسل الميت الحديث وابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل بن أبي فديك وابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث ابن أبي ذئب وعمرو بن عمير بفتح العين في الإبن وضمها في الأب قلت قوله عمرو بن عمير ليس بمعروف إشارة إلى تضعيف الحديث فهذا أبو داود قد روى له وسكت عليه فدل على أنه قد رضي به ولكنه قال هذا منسوخ فرده هذا الحديث لم يكن إلا من جهة كونه منسوخا ثم قال هذا القائل ولم يبين ناسخه قلت بتركه بيان الناسخ لا يلزم تضعيف الحديث والنسخ يعلم بأمور منها ترك العمل بالحديث فإنه يدل على وجود ناسخ وإن لم يطلع عليه .
وأما حديث الترمذي فقد قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا عبد العزيز بن المختار عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي قال من غسله الغسل ومن حمله الوضوء يعني الميت وقال حديث أبي هريرة حديث حسن وقد روي عن أبي هريرة موقوفا ثم قال وقد اختلف أهل العلم في الذي يغسل الميت فقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي وغيرهم إذا غسل ميتا فعليه الغسل وقال بعضهم عليه الوضوء وقال مالك بن أنس استحب الغسل من غسل الميت ولا أرى ذلك واجبا وهكذا قال الشافعي وقال أحمد من غسل ميتا أرجو أن لا يجب عليه الغسل فأما الوضوء فأقل ما فيه وقال إسحاق لا بد من الوضوء وقد روي عن عبد الله بن المبارك أنه قال لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت وقال الترمذي وفي الباب عن علي وعائشة قلت كلاهما عند أبي داود وفي الباب عن حذيفة عند البيهقي بإسناد ساقط وقال مالك في ( العتبية ) أدركت الناس على أن غاسل الميت يغتسل واستحسنه ابن القاسم وأشهب وقال ابن حبيب لا غسل عليه ولا وضوء وفي ( التوضيح ) وللشافعي قولان الجديد هذا والقديم الوجوب وبالغسل قال ابن المسيب وابن سيرين والزهري قاله ابن المنذر وقال الخطابي لا أعلم أحدا قال بوجوب الغسل منه وأوجب أحمد وإسحاق الوضوء منه .
وأما التعليق المذكور فقد وصله مالك في ( موطئه ) عن نافع أن ابن عمر حنط ابنا لسعيد بن زيد وحمله ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ وروى ابن أبي شيبة عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه أن ابن عمر كفن ميتا وحنطه ولم يمس ماء وعن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عمر اغتسل من غسل الميت قال لا وحدثنا عباد بن العوام عن حجاج عن سليمان بن ربيع عن سعيد بن جبير قال غسلت أمي ميتة فقالت لي سل علي غسل فأتيت ابن عمر فسألته فقال أنجسا غسلت ثم أتيت ابن عباس فسألته فقال مثل ذلك أنجسا غسلت وحدثنا عباد عن حجاج عن عطاء عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا ليس على غاسل الميت غسل .
قوله حنط بفتح الحاء المهملة وتشديد النون أي استعمل الحنوط وهو كل شيء خلط من الطيب