والدليل على ذلك ما جاء في رواية أخرى عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا قال لا وبهذا بطل ما قال بعض الشافعية أن الأصل الاقتداء به وعدم التخصيص حتى يقوم دليل به ولا دليل أعظم وأقوى من هذا وهنا شيء آخر يلزمهم وهو أنه كان يداوم عليهما وهم لا يقولون به في الصحيح الأشهر فإن عورضوا يقولون هو من خصائص النبي ثم في الاستدلال بالحديث يقولون الأصل عدم التخصيص وهذا كما يقال فلان مثل الظليم يستحمل عند الاستطارة ويستطير عند الاستحمال ويقال أنه صلى بعد العصر تبيينا لأمته أن نهيه عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر على وجه الكرامة لا على التحريم ويقال أنه صلاهما يوما قضاء لفائت ركعتي الظهر وكان إذا فعل فعلا واظب عليه ولم يقطعه فيما بعد .
( ذكر ما يستفاد منه ) فيه جواز استماع المصلي إلى كلام غيره وفهمه له ولا يضر ذلك صلاته وفيه أن إشارة المصلي بيده ونحوها من الأفعال الخفيفة لا تبطل الصلاة وفيه أنه يستحب للعالم إذا طلب له تحقيق أمر مهم وعلم أن غيره أعلم أو أعرف بأصله أن يرسل إليه إذا أمكنه وفيه الاعتراف لأهل الفضل بمزيتهم وفيه من أدب الرسول أن لا يستقل بتصرف شيء لم يؤذن له فيه فإن كريبا لم يستقل بالذهاب إلى أم سلمة حتى رجع إليهم وفيه قبول خبر الواحد والمرأة مع القدرة على اليقين بالسماع وفيه لا بأس للإنسان أن يذكر نفسه بالكنية إذا لم يعرف إلا بها وفيه ينبغي للتابع إذا رأى من المتبوع شيئا يخالف المعروف من طريقته والمعتاد من حاله أن يسأله بلطف عنه فإن كان ناسيا يرجع عنه وإن كان عامدا وله معنى مخصص عرفه للتابع واستفاده وفيه إثبات سنة الظهر بعدها وفيه إذا تعارضت المصالح والمهمات بدأ بأهمها ولهذا بدأ النبي بحديث القوم في الإسلام وترك سنة الظهر حتى فات وقتها لأن الاشتغال بإرشادهم وبهدايتهم إلى الإسلام أهم وفيه أن الأدب إذا سئل من المصلي شيئا أن يقوم إلى جنبه لا خلفه ولا أمامه لئلا يشوش عليه بأن لا تمكنه الإشارة إليه إلا بمشقة وفيه دلالة على فطنة أم سلمة وحسن تأتيها بملاطفة سؤالها واهتمامها بأمر الدين وفيه إكرام الضيف حيث لم تأمر أم سلمة امرأة من النسوة اللاتي كن عندها وفيه زيارة النساء المرأة ولو كان زوجها عندها وفيه جواز التنفل في البيت وفيه كراهة القرب من المصلي لغير ضرورة وفيه المبادرة إلى معرفة الحكم المشكل فرارا من الوسوسة وفيه جواز النسيان على النبي وقد مر البحث عنه عن قريب .
( باب الإشارة في الصلاة ) .
أي هذا باب في بيان حكم الإشارة في الصلاة والفرق بين البابين أن في الباب الأول كانت الإشارة بمقتض لهم وهذا الباب أعم من ذلك وقد مر البحث في الإشارة فيما مضى .
( قاله كريب عن أم سلمة Bها عن النبي ) .
أي قال ما ذكر من الإشارة كريب عن أم سلمة في حديث الباب السابق .
258 - ( حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي Bه أن رسول الله بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء فخرج رسول الله يصلح بينهم في أناس معه فحبس رسول الله وحانت الصلاة فجاء بلال إلى أبي بكر Bه فقال يا أبا بكر إن رسول الله قد حبس وقد