فرواه النسائي من رواية حميد بن عبد الرحمن أن رجلا من أصحاب النبي قال قلت وأنا في سفر مع النبي والله لأرمقن رسول الله للصلاة حتى أرى فعله الحديث ثم قام فصلى حتى قلت صلى قدر ما نام ثم اضطجع حتى قلت قد نام قدر ما صلى ثم استيقظ ففعل كما فعل أول مرة وقال مثل ما قال ففعل رسول الله ثلاث مرار قبل الفجر .
ذكر معناه قوله في رمضان أي في ليالي رمضان قوله فلا تسأل عن حسنهن معناه هن في نهاية من كمال الحسن والطول مستغنيان لظهور حسنهن وطولهن عن السؤال عنهن والوصف قوله أربعا أي أربع ركعات قوله أتنام الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار والاستعلام قوله ولا ينام قلبي ليس فيه معارضة لما مضى في باب الصعيد الطيب وضوء المسلم أنه نام حتى فاتت صلاة الصبح وطلعت الشمس لأن طلوع الشمس متعلق بالعين لا بالقلب إذ هو من المحسوسات لا من المعقولات .
ذكر ما يستفاد منه فيه أن عمله كان ديمة شهر رمضان وغيره وأنه كان إذا عمل عملا أثبته وداوم عليه وفيه تعميم الجواب عند السؤال عن شيء لأن أبا سلمة إنما سأل عائشة رضي الله تعالى عنها عن صلاة رسول الله في رمضان خاصة فأجابت عائشة بأعم من ذلك وذلك لئلا يتوهم السائل أن الجواب مختص بمحل السؤال دون غيره فهو كقوله هو الطهور ماؤه والحل ميتهد لما سأله السائل عن حالة ركوب البحر ومع راكبه ماء قليل يخاف العطش إن توضأ فأجاب بطهورية ماء البحر حتى لا يختص الحكم بمن هذه حاله وفي قولها يصلي أربعا حجة لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في أن الأفضل في التنفل بالليل أربع ركعات بتسليمة واحدة وفيه حجة عن منع ذلك كمالك C وفي قولها ثم يصلي ثلاثا حجة لاصطحابنا في أن الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة لأن ظاهر الكلام يقتضي ذلك فلا يعدل عن الظاهر إلا بدليل فإن قلت قد ثبت إيتار النبي بركعة واحدة وثبت أيضا قوله ومن شاء أوتر بواحدة قلت سلمنا ذلك ولكنه إن تلك الركعة الواحدة توتر الشفع المتقدم لها والدليل على ذلك ما رواه البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي عن صلاة الليل فقال رسول الله صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى وسيجيء الكلام في موضعه مستقصى إن شاء الله تعالى وفيه أنه لا ينتقض وضوؤه بالنوم لكون قلبه لا ينام وهذا من خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما ثبت في الصحيح من قوله وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم وفيه أن النوم ناقض للطهارة وفيه تفصيل قد مر بيانه وفيه أن صلاته كانت متساوية في جميع السنة بين ما يستفتح به الصلاة وما بعد ذلك فإن قلت في ( صحيح مسلم ) من حديث عائشة وزيد ابن خالد وأبي هريرة استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين وثبت أيضا في الصحيح من حديث حذيفة صلاته في أول قيامه من الليل بسورة البقرة وآل عمران قلت يجمع بينهما بأنه كان يفعل كلا من الأمرين بالتسوية بين الركعات .
الأسئلة والأجوبة منها أنه ثبت في الصحيح من حديث عائشة أنه ان إذا دخل العشر الأواخر يجتهد فيه ما لا يجتهد في غيره وفي الصحيح أيضا من حديثها كان إذا دخل العشر أحي الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر وهذا يدل على أنه كان يزيد في العشر الأخير على عادته فكيف يجمع بينه وبين حديث الباب فالجواب أن الزيادة في العشر الأخير تحمل على التطويل دون الزيادة في العدد ومنها أن الروايات اختلفت عن عائشة في عدد ركعات صلاة النبي بالليل وفي مقدار ما يجمعه منها بتسليم ففي حديث الباب إحدى عشرة ركعة وفي رواية هشام ابن عروة عن أبيه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها وفي رواية مسروق أنه سألها عن صلاة رسول الله فقال سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر وفي رواية إبراهيم عن الأسود عن عائشة أنه كان يصلي بالليل تسع ركعات رواه البخاري والنسائي وابن ماجه والجواب إن من عدها ثلاث عشرة أراد بركعتي الفجر وصرح بذلك في رواية القاسم عن عائشة كانت صلاته من الليل عشر ركعات ويوتر