فقال المشركون قد ودع محمد فأنزل الله تبارك وتعالى ما ودعك ربك وما قلى ( الضحى 3 ) وروى الواحدي من حديث هشام ابن عروة عن أبيه أبطأ جبريل على النبي فجزع جزعا شديدا فقالت خديجة رضي الله تعالى عنها قد قلاك ربك لما يرى من جزعك فنزلت السورة وروى الحاكم من حديث عبد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم لما نزلت تبت جاءت امرأة أبي لهب فقالت يا محمد على ما تهجوني فقال ما هجوتك ما هجاك إلا الله ومكث رسول الله أياما لا ينزل عليه وحي فأتته فقالت يا محمد ما أرى صاحبك إلا قد قلاك فنزلت السورة وفي ( تفسير ابن عباس ) رواية إسماعيل بن أبي زياد الشامي أبطأ الوحي عن النبي أربعين يوما فقال كعب بن الأشرف قد أطفأ الله نور محمد وانقطع الوحي عنه فهبط جبريل E بعد الأربعين يوما فقال النبي ما أبطأك عني فنزلت وما نتنزل إلا بأمر ربك ( مريم 46 ) وأنزل سورة الضحى وتكذيبا لكعب يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ( الصف 8 ) وفي ( المعاني ) للفراء و ( الإيضاح ) تفسير القرآن لأبي القاسم إسماعيل بن محمد الجوزي قيل سبب نزولها أن الوحي كان تأخر خمسة عشر يوما فتكلم الكفار الحديث وزعم ابن إسحاق أن سبب تأخير جبريل E أن المشركين لما سألوه عن ذي القرنين والروح وعدهم بالجواب إلى غد ولم يستثن فنزل عليه بعد بطئه سورة الضحى وبجواب سؤاله قوله ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ( الكهف 32 ) قال الواحدي وعن خولة خادمة النبي أن جروا دخل تحت السرير فمكث النبي أياما لا ينزل عليه الوحي فقال يا خولة ما حدث في بيتي جبريل لا يأتيني قالت خولة فقلت لو هيأت البيت وكنسته قالت فأهويت بالمكنسة تحت السرير فإذا شيء ثقيل فإذا هو جرو ميت فألقيته خلف الجدار قالت فجاء رسول الله يرعد فقال يا خولة دثريني فأنزل الله تعالى والضحى والليل ( الضحى 1 و2 ) زاد ابن إسحاق فقال النبي لجبريل E ما أخرك فقال أما علمت أنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة وفي ( تفسير النسفي ) قال ابن جرير قال المشركون أن محمدا ودعه ربه وقلاه ولو كان امره من الله لتتابع عليه كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقال المسلمون يا رسول الله أما ينزل عليك الوحي فقال وكيف ينزل علي الوحي وأنتم لا تنتقون براجمكم ولا تقلمون أظافركم فأنزل الله تعالى جبريل E بهذه السورة فقال النبي يا جبريل ما جئت حتى اشتقت إليك فقال جبريل E وأنا كنت أشد شوقا ولكني عبد مأمور وما نتنزل إلا بأمر ربك ( مريم 46 ) ح .
ثم الكلام في هذا الباب على أنواع الأول أن اشتكاء النبي لم يبين في شيء من طرق هذا الحديث قيل وظن بعض الشراح أن الذي وقع في رواية الترمذي من طريق ابن عيينة من الحديث وقد ذكرناه عن قريب هو بيان للشكاية المجملة في الصحيح وليس كما ظن فءن في طريق عبد الله بن شداد التي يأتي التنبيه عليها أن نزول هذه السورة كان في أوائل البعثة وجندب لم يصحب النبي إلا متأخرا حكاه البغوي في ( معجم الصحابة ) عن الإمام أحمد ويقال يحتمل أن يكون سبب الشكاية بطء الوحي .
الثاني أن هذه المرأة المذكورة في الأحاديث المذكورة مختلف فيها ففي رواية الحاكم امرأة أبي لهب وهي أم جميل العوراء بنت حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهي أخت أبي سفيان بن حرب وقيل امرأة من أهله أو من قومه قلت لا شك أن أم جميلة من قومه لأنها من بني عبد مناف وفي رواية سنيد بن داود إنها عائشة وقد غلط سنيد فيه وفي رواية الطبري عن أبي كريب عن وكيع فقال فيه قالت خديجة وكذلك أخرجه ابن أبي حاتم وقد أنكر ذلك لأن خديجة قوية الإيمان فلا يليق نسبة هذا القول إليها وإن كان رواه إسماعيل القاضي في ( أحكامه ) بإسناد صحيح وكذلك رواه الطبري في ( تفسيره ) وأبو داود في ( أعلام النبوة ) له كلهم من طريق عبد الله بن شداد بن الهاد ومع هذا ليس في رواية واحد منهم أنها عبرت بقولها شيطانك وهذه لفظة مستنكرة جدا وزعم أبو عبد الله محمد بن علي بن عسكر أن القائلة ذاك إحدى عماته ثم الظاهر أن المرأة التي قالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك ير المرأة التي قالت ما أرى صاحبك إلا قد أبطأ عنك لأن هذه قالت يا رسول الله وتلك قالت يا محمد والتي قالت شيطانك قالت تهكما وشماتة والتي قالت صاحبك قالت تأسفا وتوجعا .
الثالث أن مدة بطء الوحي اختلف فيها فقيل أربعون يوما كما ذكر