وكعاعة وكيعوعة وكعكعه عن الورد نحاه ويقال أكعه الفرق إكعاعا إذا حبسه عن وجهه ويقال أصل كعكعت كععت ففرق بينهما بحرف مكرر للاستثقال قلت هذا تصرف من غير التصريف ووقع في رواية مسلم رأيناك كففت من الكف وهو المنع قوله إني رأيت الجنة ظاهره من رؤية العين كشف الله تعالى الحجب التي بينه وبين الجنة وطوى المسافة التي بينهما حتى أمكنه أن يتناول منها عنقودا والذي يؤيد هذا حديث أسماء الذي مضى في أوائل صفة الصلاة بلفظ دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها ومن العلماء من حمل هذا على أن الجنة مثلت له في الحائط كما ترى الصورة في المرآة فرأى جميع ما فيها واستدلوا على هذا بحديث أنس على ما سيأتي في التوحيد لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي وفي رواية لقد مثلت وفي رواية مسلم لقد صورت فإن قلت انطباع الصورة إنما يكون في الأجسام الصقيلة قلت هذا من حيث العادة فلا يمتنع خرق العادة لا سيما في حق هذا النبي العظيم ومع هذا هذه قصة أخرى وقعت في صلاة الظهر وتلك في صلاة الكسوف ولا مانع أن ترى الجنة والنار مرتين وأكثر على صور مختلفة وقال القرطبي ليس من المحال إبقاء هذه الأمور على ظواهره لا سيما على مذهب أهل السنة في أن الجنة والنار وقد خلقتا وهما موجودتان الآن فيرجع إلى أن الله تعالى خلق لنبيه إدراكا خاصا به أدرك به الجنة والنار على حقيقتهما ومنهم من تأول الرؤية هنا بالعلم وقد أبعد لعدم المانع من الأخذ بالحقيقة والعدول عن الأصل من غير ضرورة قوله عنقودا بضم العين قوله ولو أصبته في رواية مسلم ولو أخذته قوله ما بقيت الدنيا أي مدة بقاء الدنيا لأن طعام الجنة لا ينفذ وثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة وحكى ابن العربي عن بعض شيوخه إن معنى قوله لأكلتم منه ما بقيت الدنيا أن يخلق في نفس الآكل مثل الذي أكل دائما بحيث لا يغيب عن ذوقه وقد رد عليه بأن هذا رأي فلسفي مبني على أن دار الآخرة لا حقائق لها وإنما هي أمثال والحق أن ثمار الجنة لا تقطع ولا تمنع فإذا قطعت خلقت في الحال فلا مانع أن يخلق الله مثل ذلك في الدنيا إذا شاء وفيه بحث لأن كلام هذا القائل لا يستلزم نفي حقيقة دار الآخرة لأن ما قاله في حال الدنيا والفرق بين حال الدنيا وحال الآخرة ظاهر فإن قلت بين قوله ولو أصبته أو لو أخذته وبين قوله رأيناك تناولت شيئا منافاة ظاهرا قلت يحمل التناول على تكلف الأخذ لا حقيقة الأخذ قلت لا يحتاج إلى هذا التأويل بالتكلف لعدم ورود السؤال المذكور لأن قوله تناولت خطاب للنبي منهم وقوله ولو أصبته إخبار النبي عن نفسه ولا منافاة بين الإخبارين فكأنهم تخيلوا التناول من النبي ولم يكن في نفس الأمر حقيقة التناول موجودة يدل عليه معنى قوله وتناولت عنقوداد يعني تناولته حقيقة في الجنة ولكن لم يؤذن لي بقطفه وهو معنى قوله ولو أصبته يعني لو أذن لي بقطفه لأصبته وأخرجته منها إليكم ولكن لم يقدر لي لأنه من طعام الجنة وهو لا يفنى والدنيا فانية فلا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يفنى لأنه يلزم من أكل ما لا يفنى أن لا يفنى آكله وهو محال في الدنيا .
فإن قلت كيف يقول معناه تناولته حقيقة في الجنة ولكن لم يؤذن لي بقطفه وقد وقع في حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه عن ابن خزيمة أهوى بيده ليتناول شيئا وفي رواية البخاري في حديث أسماء في أوائل صفة الصلاة حتى لو اجترأت عليها وكأن لم يؤذن له في ذلك فلم يجترىء عليه وفي حديث جابر عند مسلم ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمارها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عند البخاري لقد رأيت أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم ووقع لعبد الرزاق من طريق مرسلة أردت أن آخذ منها قطفا لأريكموه فلم يقدر قلت كل هذه الروايات لا تنافي ما قلنا أما في حديث عقبة فلا يلزم من قوله أهوى بيده ليتناول شيئا عدم تناوله حقيقة لرؤيتهم صورة التناول وعدم رؤيتهم حقيقته وأما في حديث أسماء فلأن عدم اجترائه على إخراجه من الجنة لأنه لم يؤذن له بذلك فلا يمنع ذلك حقيقة التناول وأما في حديث جابر فلأن صورة التناول لأجل إخراجه إليهم لم يكن لأن نظرهم إليه وهو يتناول في الجنة لا يتصور في حقهم لعدم قدرتهم على ذلك فهذا لا ينافي حقيقة التناول في الجنة ولكن لم يؤذن له بالإخراج لما قلنا وأما في حديث عائشة فلأنهم لو رأوه أخذ منها قطفا حقيقة لكان إيمانهم بالشهادة ولم يكن بالغيب والإيمان بالغيب هو المعتبر وهو أيضا لا ينافي حقيقة التناول في حقه .
قوله وأريت النار أريت بضم الهمزة وكسر الراء على صيغة المجهول وأقيم المفعول الذي هو الرائي في