الصحراء وقال ابن حبيب هو مخير وحكي عن أصبغ وصوب بعض أهل العلم المسجد في المصر الكبير للمشقة وخوف الفوت دون الصغير وفيه الخطبة وقد مر الكلام فيها مستقصى وفيه تقديم الإمام على المأموم وهو من قوله فصف الناس وراءه وفيه المبادرة إلى المأمور به والمسارعة إلى فعله وفيه الالتجاء إلى الله تعالى عند المخاوف بالدعاء والاستغفار لأنه سبب لمحو ما فرط منه من العصيان وفيه أن الذنوب سبب لوقوع البلايا والعقوبات العاجلة والآجلة .
وكان يحدث كثير بن عباس أن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما كان يحدث يوم خسفت الشمس بمثل حديث عروة عن عائشة فقلت لعروة إن أخاك يوم خسفت الشمس بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل الصبح قال أجل لأنه أخطأ السنة .
قوله كان يحدث كثير بن عباس وهو مقول الزهري عطفا على قوله حدثني عروة وقوله كثير بالرفع اسم كان وخبره قوله يحدث مقدما وقد وقع صريحا في رواية مسلم من طريق الزبيدي عن الزهري بلفظ قال كثير ابن العباس يحدث أن ابن عباس كان يحدث عن صلاة رسول الله يوم كسفت الشمس مثل ما حدث عروة عن عائشة وحديث عروة عن عائشة هو ما روى عروة عنها أن النبي جهر في صلاة الخسوف بقراءته فصلى أربع ركوعات في ركعتين وأربع سجدات قال الزهري وأخبرني كثير بن عباس عن ابن عباس عن النبي أنه صلى أربع ركوعات في ركعتين وأربع سجدات إلى هنا لفظ مسلم قوله فقلت القائل هو الزهري قوله أن أخاك يعني عبد الله بن الزبير قوله مثل الصبح أي مثل صلاة الصبح في العدد والهيئة قوله قال أجل أي قال عروة نعم صلى كذلك وفي رواية ابن حبان فقال أجل كذلك صنع لأنه إخطأ السنة أي لأن عبد الله بن الزبير أخطأ السنة لأن السنة هي أن تصلي في كل ركعة ركوعان وقال بعضهم وتعقب بأن عروة تابعي وعبد الله صحابي فالأخذ بفعله أولى ثم أجاب بما حاصله إن ما صنعه عبد الله يتأدى به أصل السنة وإن كان فيه تقصير بالنسبة إلى كمال السنة ويحتمل أن يكون عبد الله أخطأ السنة من غير قصد لأنها لم تبلغه قلت وقد قلنا في أول أبواب الكسوف إن عروة أحق بالخطأ من عبد الله الصاحب الذي عمل بما علم وعروة أنكر ما لا يعلم ولا نسلم أنها لم تبلغه لاحتمال أنه بلغه من أبي بكرة أو من غيره مع بلوغ حديث عائشة إياه فاختار حديث أبي بكرة لموافقته القياس فإذا لا يقال فيه إنه أخطأ السنة والله أعلم بالصواب .
5 - .
( باب هل يقول كسفت الشمس أو خسفت ) .
أي هذا باب يقال فيه هل يقول القائل كسفت الشمس أو يقول خسفت الشمس قيل أتى البخاري بلفظ الاستفهام إشعارا منه بأنه لم يترجح عنده في ذلك شيء وقال بعضهم ولعله أشار إلى ما رواه ابن عيينة عن الزهري عن عروة لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت وهذا موقوف صحيح رواه سعيد بن منصور عنه قلت ترتيب البخاري يدل على أن الخسوف يقال في الشمس والقمر جميعا لأنه ذكر الآية وفيها نسبة الخسوف إلى القمر ثم ذكر الحديث وفيه نسبة الخسوف إلى الشمس وكذلك يقال بالكسوف فيهما جميعا لأن في حديث الباب فقال في كسوف الشمس والقمر إنهما آيتان وبهذا يرد على عروة فيما روى الزهري عنه وبما روى في أحاديث كثيرة كسفت الشمس منها حديث المغيرة بن شعبة الذي مضى في أول الأبواب قال كسفت الشمس على عهد رسول الله الحديث وفيه أيضا أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد الحديث واستعمال الكسوف للشمس والخسوف للقمر اصطلاح الفقهاء واختاره ثعلب أيضا قال في الفضيح إن كسفت الشمس وخسف القمر أجود الكلامين وذكر الجوهري أنه أفصح وحكى عياض عن بعضهم عكسه وغلطه لثبوته بالخاء في القرآن وفي الحقيقة في معناهما فرق فقيل الكسوف أن يكشف ببعضهما والخسوف أن يخسف بكلهما قال الله تعالى فخسفنا به وبداره الأرض وقال شمر الكسوف في الوجه الصفرة والتغير وقال ابن حبيب في ( شرح الموطأ ) الكسوف تغير اللون والخسوف انخسافهما وكذلك تقول في عين الأعور إذا انخسفت وغارت في جفن العين وذهب نورها وضياؤها