وفي الحديث فوائد أخرى فيه المبادرة بالصلاة والذكر والتكبير والصدقة عند وقوع كسوف وخسوف ونحوهما من زلزلة وظلمة شديدة وريح عاصف ونحو ذلك من الأهوال وفيه الزجر عن كثرة الضحك والتحريض على كثرة البكاء وفيه الرد على من زعم أن للكواكب تأثيرا في حوادث الأرض على ما ذكرنا وفيه اهتمام الصحابة رضي الله تعالى عنهم بنقل أفعال النبي ليقتدي به فيها وفيه الأمر بالدعاء والتضرع في سؤاله وفيه التحريض على فعل الخيرات ولا سيما الصدقة التي نفعها متعد وفيه عظة الإمام عند الآيات وأمرهم بأعمال البر وفيه أن صلاة الكسوف ركعتان ولكن على هيئة مخصوصة من تطويل زائد في القيام وغيره على العادة من زيادة ركوع في كل ركعة وقال بعضهم الأخذ بهذا أولى من إلغائها وبذلك قال جمهور أهل العلم من أهل الفتيا وقد وافق عائشة على ذلك عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ومثله عن أسماء بنت أبي بكر وعن جابر عند مسلم وعن علي عند أحمد وعن أبي هريرة عند النسائي وعن ابن عمر عند البزار وعن أم سفيان عند الطبراني قلت لم سكت هذا القائل عن حديث أبي بكرة الذي صدره البخاري في هذا الباب ورواه النسائي وحديث ابن مسعود الذي رواه ابن خزيمة في ( صحيحه ) وحديث عبد الرحمن بن سمرة عند مسلم وحديث سمرة بن جندب عند الأربعة وحديث النعمان بن بشير عند الطحاوي وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عنده أيضا وعند أبي داود وأحمد وحديث قبيصة الهلالي عند أبي داود وقد ذكرنا جميع ذلك مستقصى فأحاديث هؤلاء كلها تدل على أن صلاة الكسوف ركعتان كهيئة النافلة من غير الزيادة على ركوعين فإن قلت أحاديث هؤلاء غاية ما في الباب أنها تدل على أن صلاة الكسوف ركعتان والخصم قائل به وليس فيها ما ينفي ما ذهب إليه الخصم من الزيادة قلت في أحاديثهم نص على الركعتين مطلقا والمطلق ينصرف إلى الكامل وهي الصلاة المعهودة من غير الزيادة المذكورة مع أنهم لم يقولوا بإلغاء تلك الزيادة وإنما اختاروا ما ذهبوا إليه لموافقته القياس ويؤيد ذلك ما رواه الطحاوي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول فرض النبي أربع صلوات صلاة الحضر أربع ركعات وصلاة السفر ركعتين وصلاة الكسوف ركعتين وصلاة المناسك ركعتين وقد قرنت صلاة الكسوف بصلاة السفر وصلاة المناسك وفي ركعة كل واحدة منهما ركوع واحد بلا خلاف فكذلك صلاة الكسوف ولا سيما على قول من يقول إن القرآن في النظم يوجب القرآن في الحكم فإن قالوا الزيادة المذكورة ثبتت في رواية الحفاظ الثقات فوجب قبولها والعمل بها قلنا قد ثبت عند مسلم عن عائشة وجابر رضي الله تعالى عنهما أن في كل ركعة ثلاث ركوعات وعنده عن ابن عباس أن في كل ركعة ثلاث ركوعات وعند أبي داود عن أبي بن كعب وعند البزار عن علي أن في كل ركعة خمس ركوعات فما كان جوابهم في هذه فهو جوابنا في تلك ثم إن هذا القائل نقل عن صاحب ( الهدى ) أنه نقل عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة قلت ينبغي أن لا يؤاخذ بهذا لأنه ثبت في ( صحيح مسلم ) ثلاث ركوعات وأربع ركوعات كما ذكرناه الآن .
3 - .
( باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف ) .
أي هذا باب في بيان قول المنادي لصلاة الكسوف الصلاة جامعة بالنصب فيهما على الحكاية في لفظ الصلاة وحروف الجر لا يظهر عملها في باب الحكاية ومعمولها محذوف تقديره باب النداء بقوله الصلاة جامعة أي حال كونها جامعة وقال بعضهم أي أحضروا الصلاة في كونها جماعة قلت لا يصح هذا لأن الصلاة ليست بجماعة وإنما هي جامعة للجماعة ويقدر أحضروا الصلاة حال كونها جامعة للجماعة وهو من الأحوال المقدرة ويجوز أن يرفع بالصلاة وجامعة أيضا فالصلاة على الابتداء وجامعة على الخبر على تقدير جامعة للجماعة وقال بعضهم وقيل جامعة صفة والخبر محذوف أي احضروا قلت هذا أيضا لا يصح لأن الصلاة معرفة وجامعة نكرة فلا تقع صفة للمعرفة لاشتراط التطابق بين الصفة والموصوف