ولا علينا وقال الطيبي في إدخال الواو ههنا معنى لطيف وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقيا للأكام وما معها فقط ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصودا لعينه ولكن ليكون وقاية من أذى المطر فليست الواو مخلصة للعطف ولكنها للتعليل وهو كقولهم تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها فإن الجوع ليس مقصودا لعينه ولكن لكونه مانعا من الرضاع بأجرة إذ كانوا يكرهون ذلك قوله على الأكام فيه بيان للمراد بقوله حوالينا روي الإكام بكسر الهمزة وفتحها ممدودة وهو جمع أكمة بفتحات قال ابن البرقي هو التراب المجتمع وقال الداودي أكبر من الكدية وقال القزاز هي التي من حجر واحد وقال الخطابي هي الهضبة الضخمة وقيل الجبل الصغير وقيل ما ارتفع من الأرض قوله والظراب بكسر الظاء المعجمة وفي آخره باء موحدة جمع ظرب بسكون الراء قاله القزاز وقال هو جبل منبسط على الأرض وقيل بكسر الراء ويقال ظراب وظرب كما يقال كتاب وكتب ويقال ظرب بتسكين الراء قالوا أصل الظراب ما كان من الحجارة أصله ثابت في جبل أو أرض حزنة وكان أصله الثاني محدودا وإذا كانت خلقة الجبل كذلك سمي ظربا وفي ( المحكم ) الظرب كل ما كان نتأ من الحجارة وحد طرفه وقيل هو الجبل الصغير وفي ( المنتهى ) للبرمكي الظراب الروابي الصغار دون الجبل وفي ( الغريبين ) الأظراب جمع ظرب قوله والأودية جمع واد وفي رواية مالك بطون الأودية والمراد بها ما يتحصل فيه الماء لينتفع به قالوا ولم يسمع أفعلة جمع فاعل إلا أودية جمع واد وزاد مالك في روايته ورؤوس الجبال قوله ومنابت الشجر أراد بالشجر المرعى ومنابته التي تنبت الزرع والكلأ قوله فانقطعت أي السماء ويروى فأقلعت ويروى فانقلعت والكل بمعنى واحد وفي رواية مالك فانجابت عن المدينة انجياب الثوب أي خرجت عنها كما يخرج الثوب عن لابسه وفي رواية سعيد عن شريك فما هو إلا أن تكلم رسول الله بذلك تمزق السحاب حتى ما نرى منه شيئا والمراد بقوله ما نرى شيئا أي في المدينة ولمسلم من رواية حفص فلقد رأيت السحاب يتمزق كأنه الملا حين يطوى والملا بضم مقصور وقد يمد جمع ملاءة وهو ثوب معروف وفي رواية قتادة عند البخاري فلقد رأيت السحاب يتقطع يمينا وشمالا يمطرون أي أهل النواحي ولا يمطرون أهل المدينة وله في الأدب فجعل الله السحاب يتصدع عن المدينة وزاد فيه يريهم الله كرامة نبيه وإجابة دعوته وله في رواية ثابت عن أنس فتكشطت أي تكشفت فجعلت تمطر حول المدينة ولا تمطر بالمدينة قطرة فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل وفي مسند أحمد من هذا الوجه فتقور ما فوق رؤوسنا من السحاب حتى كأنا في إكليل وهو بكسر الهمزة التاج وفي رواية إسحاق عن أنس فما يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا تفرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة والجوبة بفتح الجيم وسكون الواو وفتح الباء الموحدة هي الحفرة المستديرة الواسعة والمراد بها ههنا الفرجة في السحاب وقال الخطابي الجوبة هنا الترس وضبط بعضهم الجونة بالنون ثم فسره بالشمس إذا ظهرت في خلل السحاب وقال عياض فقد صحف من قال بالنون وفي رواية إسحاق من الزيادة أيضا وسال الوادي وادي قناة شهرا وقد فسرنا هذا في كتاب الجمعة في باب الاستسقاء في الخطبة في الجمعة وأكثر ما ذكرنا هنا ذكرناه هناك وإن كان مكررا لزيادة الإيضاح ولسرعة وقوف الطالب للمعاني قوله فسألت أنسا أهو الرجل الأول قال لا أدري وفي موضع آخر فأتى الرجل فقال يا رسول الله وفي لفظ جاء رجل فقال ادع الله يغثنا ثم جاء فقال وفي لفظ في الأول قام أعرابي ثم قال في آخره فقام ذلك الأعرابي قال ابن التين لعل أنسا تذكر بعد أو نسي بعد ذكره إن كان هذا الحديث قبل قوله لا أدري أهو الأول أم لا .
ذكر ما يستفاد منه فيه جواز مكالمة الإمام في الخطبة للحاجة وفيه القيام للخطبة وأنها لا تنقطع بالكلام ولا تقطع بالمطر وفيه قيام الواحد بأمر الجماعة وفيه سؤال الدعاء من أهل الخير ومن يرجى منه القبول وإجابتهم لذلك وفيه تكرار الدعاء ثلاثا وفيه إدخال دعاء الاستسقاء في خطبة الجمعة والدعاء على المنبر وفيه لا تحويل ولا استقبال وفيه الاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء وفيه امتثال الصحابة بمجرد الإشارة وفيه الأدب في الدعاء حيث لم يدع برفع المطر مطلقا لاحتمال الاحتياج إلى استمراره فاحترز فيه ما يقتضي رفع الضرر وإبقاء النفع وفيه أن الدعاء بدفع الضرر لا ينافي