النبي لأبي بكر دع الجاريتين أي اتركهما وفي رواية هشام يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا هذا تعليل لنهيه إياه بقوله دعهما وبيان لخلاف ما ظنه أبو بكر من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه لكونه دخل فوجد النبي مغطى بثوبه نائما ولا سيما كان المقرر عنده منع الغناء واللهو فبادر إلى إنكار ذلك قياما عن النبي فأوضح الحال وبينه بقوله إن لكل قوم عيدا أي أن لكل طائفة من الملل المختلفة عيدا يسمونه باسم مثل النيروز والمهرجان وإن هذا اليوم يوم عيدنا وهو يوم سرور شرعي فلا ينكر مثل هذا على أن ذلك لم يكن بالغناء الذي يهيج النفوس إلى أمور لا تليق ولهذا جاء في رواية وليستا بمغنيتين يعني لم تتخذا الغناء صناعة وعادة وروى النسائي وابن حبان بإسناد صحيح عن أنس قدم النبي المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى قوله غمزتهما جواب لما الغمز بالمعجمتين الإشارة بالعين والحاجب أو اليد والرمز كذلك قوله فخرجتا بفاء العطف والمشهور خرجتا بدون الفاء قال الكرماني خرجتا بدون الفاء بدل أو استئناف قوله وكان يوم عيد أي كان ذلك اليوم يوم عيد وكان القائل بذلك عائشة رضي الله تعالى عنها ويدل عليه ما وقع في رواية الجوزقي في هذا الحديث وقالت عائشة كان يوم عيد وبهذا يظهر أيضا أنه موصول كغيره قوله يلعب فيه أي في ذلك اليوم قوله فأما سألت أي التمست من رسول الله النظر إليهم وكلمة أما فيه تدل على ترددها فيما كان وقع منها هل كان أذن لها في ذلك ابتداء منه من غير سؤال منها أو كان عن سؤال منها إياه في ذلك قيل هذا بناء على أن سألت بسكون اللام على أنه كلامها ويحتمل أن يكون بفتح اللام كلام الراوي ( قلت ) سكون اللام يدل على أنه لفظ المتكلم وحده وفتح اللام يدل على أنه فعل ماض مفرد مؤنث والاحتمال الذي ذكره يبعده قوله فقلت نعم لا يدرى إلا بالتأمل على أن جعله من كلامها أولى من جعله من كلام الراوي لأن كلام الراوي ليس من الحديث فافهم قوله تشتهين كلمة الاستفهام فيه مقدرة وكذلك أن المصدرية مقدرة في قوله تنظرين والتقدير أتشتهين النظر إلى السودان وقد اختلفت الروايات عنها في ذلك ففي رواية النسائي من طريق يزيد بن رومان عنها سمعنا لغطا وصوت صبيان فقام النبي فإذا حبشية تزفن أي ترقص والصبيان حولها فقال يا عائشة تعالي فانظري فهذا يدل على أنه سألها وفي رواية عبيد بن عمير عنها عند مسلم أنها قالت للعابين وددت أني أراهم ففي هذا يحتمل أن يكون السائل هو النبي وأن تكون عائشة لا كما جزم به البعض أنها سألته ورواية للنسائي من طريق أبي سلمة عنها دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي النبي يا حميراء تحبين أن تنظري إليهم فقلت نعم إسناده صحيح قال بعضهم ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا ( قلت ) روي من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت استخنت ماء في الشمس فقال النبي لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص وهذا الحديث وإن كان ضعيفا ففيه ذكر الحميراء وفي مسند السراج من حديث أنس أن الحبشة كانت تزفن بين يدي النبي ويتكلمون بكلام لهم فقال ما يقولون قال يقولون محمد عبد صالح قوله خدي على خده جملة حالية بلا واو كما في قوله تعالى قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو وقول القائل كلمته فوه إلى في ( قلت ) قال الكرماني ( فإن قلت ) حقق لي هذه المسألة فإن الزمخشري في الكشاف تارة يجعلها حالا بدون الواو فصيحا وأخرى ضعيفا ( قلت ) إذا أمكن وضع مفرد مقامهما استفحصه كقوله تعالى اهبطوا بعضكم لبعض عدو أي اهبطوا معادين وههنا أيضا ممكن إذ تقديره أقامني متلاصقين انتهى ( قلت ) كل جملة أي جملة كانت لا يكتسى محلها إعرابا إلا إذا وقعت موقع المفرد فلا يحتاج إلى تفصيل والظاهر أن الكرماني لم يمعن نظره في هذا الموضع وقد اختلفت الروايات في هذا اللفظ ففي رواية مسلم عن هشام عن أبيه فوضعت رأسي على منكبيه وفي رواية أبي سلمة فوضعت ذقني على عاتقه وأسندت وجهي إلى خده وفي رواية عبيد بن عمير عنها أنظر بين أذنيه وعاتقه وفي رواية الزهري عن عروة التي تأتي بعد فيسترني وأنا أنظر وقد مضى في أبواب المساجد بلفظ يسترني بردائه قوله وهو يقول جملة اسمية وقعت حالا قوله دونكم بالنصب