الحديث يشملها ومذهبهم أن مانع الزكاة تؤخذ منه قهرا ويعزر على تركها وسئل الكرماني ههنا عن حكم تارك الزكاة ثم أجاب بأن حكمهما واحد ولهذا قاتل الصديق Bه مانعي الزكاة فإن أراد أن حكمهما واحد في المقاتلة فمسلم وإن أراد في القتل فممنوع لأن الممتنع من الزكاة يمكن أن تؤخذ منه قهرا بخلاف الصلاة أما إذا انتصب صاحب الزكاة للقتال لمنع الزكاة فإنه يقاتل وبهذه الطريقة قاتل الصديق Bه مانعي الزكاة ولم ينقل أنه قتل أحدا منهم صبرا ولو ترك صوم رمضان حبس ومنع الطعام والشراب نهارا لأن الظاهر أنه ينويه لأنه معتقد لوجوبه كما ذكر في كتب الشافعية الثاني قال النووي يستدل به على وجوب قتال مانعي الصلاة والزكاة وغيرهما من واجبات الإسلام قليلا كان أو كثيرا قلت فعن هذا قال محمد بن الحسن إن أهل بلدة أو قرية إذا اجتمعوا على ترك الأذان فإن الإمام يقاتلهم وكذلك كل شيء من شعائر الإسلام الثالث فيه أن من أظهر الإسلام وفعل الأركان يجب الكف عنه ولا يتعرض له .
الرابع فيه قبول توبة الزنديق ويأتي إن شاء الله تعالى في المغازي قول النبي إني لم أؤمر أن أشق على قلوب الناس ولا عن بطونهم الحديث بطوله جوابا القول خالد Bه ألا أضرب عنقه فقال عليه السلام لعله يصلي فقال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس بقلبه ولأصحاب الشافعي C في الزنديق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر ويعلم ذلك بأن يطلع الشهود على كفر كان يخفيه أو علم بإقراره خمسة أوجه أحدها قبول توبته مطلقا وهو الصحيح المنصوص عن الشافعي والدليل عليه قوله أفلا شققت عن قلبه والثاني به قال مالك لا تقبل توبته ورجوعه إلى الإسلام لكنه إن كان صادقا في توبته نفعه ذلك عند الله تعالى وعن أبي حنيفة روايتان كالوجهين والثالث إن كان من الدعاة إلى الضلال لم تقبل توبتهم وتقبل توبة عوامهم والرابع إن أخذ ليقتل فتاب لم تقبل وإن جاء تائبا ابتداء وظهرت مخائل الصدق عليه قبلت وحكي هذا القول عن مالك وممن حكاه عبد الواحد السفاقسي قال قال مالك لا تقبل توبة الزنديق إلا إذا كان لم يطلع عليه وجاء تائبا فإنه تقبل توبته والخامس إن تاب مرة قبلت منه وإن تكررت منه التوبة لم تقبل وقال صاحب ( التقريب ) من أصحابنا روى بشر بن الوليد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة في الزنديق الذي يظهر الإسلام قال إستتيبه كالمرتد وقال أبو يوسف مثل ذلك زمانا فلما رأى ما يصنع الزنادقة من إظهار الإسلام ثم يعودون قال إن أتيت بزنديق أمرت بقتله ولم استتبه فإن تاب قبل أن أقتله خليته وروى سليمان بن شعيب عن أبيه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة C في نوادر له قال قال أبو حنيفة اقتلوا الزنديق المستتر فإن توبته لا تعرف .
الخامس قالوا فيه دليل على أن الإعتقاد الجازم كاف في النجاة خلافا لمن أوجب تعلم الأدلة وجعله شرطا في الإسلام وهو كثير من المعتزلة وقول بعض المتكلمين وقال النووي قد تظاهرت الأحاديث الصحيحة التي يحصل من عمومها العلم القطعي بأن التصديق الجازم كاف قال الإمام المقترح اختلف الناس في وجوب المعرفة على الأعيان فذهب قوم إلى أنها لا تجب وقوم إلى وجوبها وادعى كل واحد من الفريقين الإجماع على نقيض ما ادعى مخالفه واستدل النافون بأنه قد ثبت من الأولين قبول كلمتي الشهادة من كل ناطق بها وإن كان من البله والمغفلين ولم يقل له هل نظرت أو أبصرت واستدل المثبتون من الأولين الأمر بها مثل ابن مسعود وعلي ومعاذ Bهم وأجابوا عن الأول بأن كلمتي الشهادة مظنة العلم والحكم في الظاهر يدار على المظنة وقد كان الكفرة يذبون عن دينهم وما رجعوا إلا بعد ظهور الحق وقيام علم الصدق والمقصود إخلاص العبد فيما بينه وبين الله تعالى فلا بد أن يكون على بصيرة من أمره ولقد كانوا يفهمون الكتاب العربي فهما وافيا بالمعاني والكتاب العزيز مشتمل على الحجج والبراهين قلت وهذا الثاني هو مختار إمام الحرمين والإمام المقترح والأول مختار الأكثرين والله أعلم السادس فيه اشتراط التلفظ بكلمتي الشهادة في الحكم بالإسلام وأنه لا يكف عن قتالهم إلا بالنطق بهما السابع فيه عدم تكفير أهل الشهادة من أهل البدع الثامن فيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما يقتضيه الظاهر التاسع فيه دليل على أن حكم النبي والأئمة بعده إنما كان على الظاهر والحساب على السرائر إلى الله تعالى دون خلقه وإنما جعل إليهم ظاهر أمره دون خفيه العاشر أن هذا الحديث مبين ومقيد لما جاء من الأحاديث المطلقة منها ما جاء في حديث عمر Bه ومناظرته مع أبي