المرأة حسن التدبير في بيت زوجها والنصح له والأمانة في ماله وفي نفسها ورعاية الخادم لسيده حفظ ما في يده من ماله والقيام بما يستحق من خدمته والرجل ليس له بإمام ولا له أهل ولا خادم يراعي أصحابه وأصدقاءه بحسن المعاشرة على منهج الصواب فإن قيل إذا كان كل من هؤلاء راعياد فمن المرعي أجيب هو أعضاء نفسه وجوارحه وقواه وحواسه أو الراعي يكون مرعيا باعتبار أمر آخر ككون الشخص مرعيا للإمام راعيا لأهله أو الخطاب خاص بأصحاب التصرفات ومن تحت نظره ما عليه إصلاح حاله قوله قال وحسبت فاعل قال يونس بن يزيد المذكور فيه كذا قاله الكرماني جزما والظاهر أن فاعله سالم بن عبد الله الراوي وكلمة أن مخففة من المثقلة والتقدير وحسبت أنه أي أن النبي قد قال والرجل راع في مال أبيه إلى آخره ثم في هذا الموضع من النكتة أنه عمم أولا ثم خصص ثانيا وقسم الخصوصية إلى أقسام من جهة الرجل ومن جهة المرأة ومن جهة الخادم ومن جهة النسب ثم عمم ثانيا وهو قوله وكلكم راع إلى آخره تأكيدا وردا للعجز إلى الصدر بيانا لعموم الحكم أولا وآخرا .
ذكر ما يستفاد منه وهو على وجوه الأول قال صاحب ( التوضيح ) إيراد البخاري هذا الحديث لأجل أن أيلة إما مدينة أو قرية وقد ترجم لهما قلت المشهور عند الجمهور أنها مدينة كما ذكرناه ولا وجه للتردد فيها وقد ذكر البخاري الباب بترجمتين بقوله في القرى والمدن وذكر فيه حديثين الأول منهما مطابق للترجمة الأولى على زعمه والثاني مطابق للترجمة الثانية وكلام صاحب ( التوضيح ) لا طائل تحته .
الثاني قال بعضهم في هذه القصة يعني القصة المذكورة في الحديث إيماء إلى أن الجمعة تنعقد بغير إذن من السلطان إذا كان في القوم من يقوم بمصالحهم قلت الذي يقوم بمصالح القوم هو المولى عليهم من جهة السلطان ومن كان مولى من جهة السلطان كان مأذونا بإقامة الجمعة لأنها من أكبر مصالحهم والعجب من هذا القائل أنه يستدل على عدم إذن السلطان لإقامة الجمعة بالإيماء ويترك ما دل على ذلك حديث جابر أخرجه ابن ماجه وفيه من تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافا بها وجحودا لها فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ألا ولا صلاة له ولا زكاة له ولا حج له ولا صوم له ولا بر له الحديث ورواه البزار أيضا ورواه الطبراني في ( الأوسط ) عن ابن عمر مثله فإن قلت في سند ابن ماجه عبد الله بن محمد العدوي وفي سند البزار علي بن زيد بن جدعان وكلاهما متكلم فيه قلت إذا روي الحديث من طرق ووجوه مختلفة تحصل له قوة فلا يمنع من الاحتجاج به ولا سيما اعتضد بحديث ابن عمر والقائل المذكور أشار بقوله إلى قول الشافعي فإن عنده إذن السلطان ليس بشرط لصحة الجمعة ولكن السنة أن لا تقام إلا بإذن السلطان وبه قال مالك وأحمد في رواية وعن أحمد أنه شرط كمذهبنا واحتجوا بما روي أن عثمان رضي الله تعالى عنه لما كان محصورا بالمدينة صلى علي رضي الله تعالى عنه الجمعة بالناس ولم يرو أنه صلى بأمر عثمان وكان الأمر بيده قلنا هذا الاحتجاج ساقط لأنه يحتمل أن عليا فعل ذلك بأمره أو كان لم يتوصل إلى إذن عثمان ونحن أيضا نقول إذا لم يتوصل إلى إذن الإمام فللناس أن يجتمعوا ويقدموا من يصلي بهم فمن أين علم أن عليا فعل ذلك بلا إذن عثمان وهو بحيث يتوصل إلى إذنه وقال ابن المنذر مضت السنة بأن الذي يقيم الجمعة السلطان أو من قام بها بأمره فإذا لم يكن ذلك صلوا الظهر وقال الحسن البصري أربع إلى السلطان فذكر منها الجمعة وقال حبيب بن أبي ثابت لا تكون الجمعة إلا بأمير وخطبة وهو قول الأوزاعي ومحمد بن مسلمة ويحيى بن عمر المالكي وعن مالك إذا تقدم رجل بغير إذن الإمام لم يجزهم وذكر صاحب ( البيان ) قولا قديما للشافعي أنها لا تصح إلا خلف السلطان أو من أذن له وعن أبي يوسف إن لصاحب الشرطة أن يصلي بهم دون القاضي وقيل يصلي القاضي .
الثالث قال بعضهم في الحديث إقامة الجمعة في القرى خلافا لمن شرط لها المدن قلت لا دليل على ذلك أصلا لأنه إن كان يدعى بذلك بنفس الحديث المتصل فلا يقوم به حجة ولا يتم وإن كان يدعي بكتاب ابن شهاب يأمر فيه لرزيق بن حكيم بأن يجمع فلا تتم به حجته أيضا لأنه من أين علم أنه أمر بذلك سواء كان في قرية أو مدينة فإن قال رزيق كان عاملا على أرض يعملها وكان فيها جماعة من السودان وغيرهم وليس هذا إلا قرية فلا يتم به استدلاله أيضا لأن الموضع المذكور صار حكمه حكم المدينة بوجود المتولي عليهم من جهة الإمام وقد قلنا فيما مضى إن