للبخاري فلبستها للعيد وللوفود وفي رواية الشافعي فلبستها للجمعة والوفود وهو جمع وفد والوفد جمع وافد وهو القادم رسولا وزائرا منتجعا أو مسترفدا قوله إنما يليس هذه من لا خلاق له وفي رواية إنما يلبس الحرير ويلبس بفتح الباء الموحدة والخلاق الحظ والنصيب من الخير والصلاح وقال ابن سيده لا خلاق له يعني لا رغبة له في الخير وقال عياض وقيل الحرمة وقيل الدين فعلى قول من يقول النصيب والحظ يكون محمولا على الكفار وعلى القولين الأخيرين يتناول المسلم والكافر قوله منها أي من الحلة السيراء والضمير في منها الثاني يرجع إلى الحلل قوله في حلة عطارد بضم العين المهملة وتخفيف الطاء المهملة وكسر الراء وفي آخره دال مهملة وهو عطارد بن حاجب بن زرارة بن زيد بن عبد الله ابن درام بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وفد على النبي سنة تسع وعليه الأكثرون وقيل سنة عشر وهو صاحب الديباج الذي أهداه للنبي وكان كسرى كساه إياه فعجب منه الصحابة فقال رسول الله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا وقال الذهبي له وفادة مع الأقرع والزبرقان ذكره في ( كتاب الصحابة ) وكان عطارد يقيم بالسوق الحلل أي يعرضها للبيع فأضاف الحلة إليه بهذه الملابسة وقال أبو عمر قال أيوب عن ابن سيرين حلة عطارد أو لبيد على الشك قوله فكساها عمر أي فكسا الحلة التي أرسلها النبي أخا له بمكة مشركا وانتصاب أخا على أنه مفعول ثان لكسا يقال كسوته جبة فيتعدى إلى مفعولين أحدهما غير الأول قوله له في محل النصب لأنه صفة لقوله أخا تقديره أخا كائنا له وكذلك بمكة في محل النصب ومشركا أيضا نصب على أنه صفة بعد صفة قيل إنه أخوه من أمه وقيل أخوه من الرضاعة وفي النسائي و ( صحيح أبي عوانة ) فكساها أخا له من أمه مشركا واسمه عثمان ابن حكيم وقد اختلف في إسلامه قاله بعضهم قلت وفي رواية للبخاري أرسل بها عمر رضي الله تعالى عنه إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم وهذا يدل على إسلامه بعد ذلك .
وأما الذي يستفاد منه فعلى أوجه الأول فيه دلالة على حرمة الحرير للرجال قال القرطبي C اختلف الناس في لباس الحرير فمن مانع ومن مجوز على الإطلاق والجمهور من العلماء على منعه للرجال وقد صح أنه قال شققها خمرا بين نسائك وعن أبي موسى الأشعري أن رسول الله قال حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه خطب بالجابية فقال نهى النبي عن الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح الثاني فيه جواز البيع والشراء على أبواب المساجد الثالث فيه مباشرة الصالحين والفضلاء البيع والشراء الرابع فيه جواز ملك ما لا يجوز لبسه له وجواز هديته وتحصيل المال منه وقد جاء لتصيب بها مالا الخامس فيه ما كان عليه من السخاء والجود وصلة الإخوان والأصحاب بالعطاء السادس فيه صلة للأقارب الكفار والإحسان إليهم وجواز الهدية إلى الكافر السابع فيه جواز إهداء الحرير للرجال لأنها لا تتعين للبسهم فإن قلت يؤخذ منه عدم مخاطبة الكفار بالفروع حيث كساه عمر رضي الله تعالى عنه إياه قلت هذه حجة الحنفية فإن الكفار غير مخاطبين بالشرائع عندهم وقالت الشافعية يؤخذ منه ذلك لأنه ليس فيه الإذن وإنما هو الهدية إلى الكافر وقد بعث الشارع ذلك إلى عمر وعلي وأسامة رضي الله تعالى عنهم ولم يلزم منه إباحة لبسها لهم بل صرح بأنه إنما اعطاها لينتفع بها بغير اللبس حيث قال تبيعها وتصيب بها حاجتك الثامن فيه عرض المفضول على الفاضل ما يحتاج إليه من مصالحه التي لا يذكرها التاسع فيه أن من لبس الحرير في الدنيا من الرجال والنساء ظاهره أنه يحرم من ذلك في الآخرة لأن كلمة من تدل على العموم وتتناول الذكور والإناث لكن الحديث مخصوص بالرجال لقيام دلائل أخرى بإباحته للنساء وأما مسألة الحرمان في الآخرة فمنهم من حمله على حقيقته وزعم أن لابسه يحرم في الآخرة من لبسه سواء تاب عن ذلك أو لا جريا على الظاهر والأكثرون على أنه لا يحرم إذا تاب ومات على توبته العاشر فيه استحباب لبس الثياب الحسنة يوم الجمعة وروى أبو داود من حديث ابن سلام قال قال رسول الله ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته وروى ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول