عبد الله علمني رسول الله في وسط الصلاة وفي آخرها وزاد الطحاوي من هذا الوجه في أوله أخذت التشهد من في رسول الله ولقنني كلمة كلمة وفي رواية أخرى للبخاري في الاستئذان من طريق أبي معمر عن ابن مسعود علمني رسول الله التشهد وكفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن قوله التحيات جمع تحية ومعناه السلام وقيل البقاء وقيل العظمة وقيل السلامة من الآفات والنقص وقيل الملك وقال الخطابي التحيات كلمات مخصوصة كانت العرب تحيي بها الملوك نحو قولهم أبيت اللعن وقولهم أنعم الله صباحا وقول العجم وزى ده هزار سأل أي عش عشرة آلاف سنة ونحوها من عاداتهم في تحية الملوك عند الملاقاة وهذه الألفاظ لا يصلح شيء منها للثناء على الله تعالى فتركت أعيان تلك الألفاظ واستعمل منها معنى التعظيم فقيل قولوا التحيات لله أي أنواع التعظيم لله كما يستحقه وروي عن أنس رضي الله تعالى عنه في أسماء الله تعالى السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار الأحد الصمد قال التحيات لله بهذه الأسماء وهي الطيبات لا يحيى بها غيره واللام في لله لام الملك والتخصيص وهي للأول أبلغ وللثاني أحسن قوله والصلوات هي الصلوات المعروفة وهي الخمسة وغيرها وقال الأزهري الصلوات العبادات وقال الشيخ تقي الدين يحتمل أن يراد بها الصلوات المعهودة ويكون التقدير أنها واجبة لله تعالى ولا يجوز أن يقصد بها غيره أو يكون ذلك إخبارا عن قصد إخلاصنا الصلوات له أي صلواتنا مخلصة له لا لغيره ويجوز أن يراد بالصلوات الرحمة ويكون معنى قوله لله أي المتفضل بها والمعطي هو الله لأن الرحمة التامة لله لا لغيره قوله والطيبات أي الكلمات الطيبات مما طاب من الكلام وحسن أن يثنى به على الله تعالى دون ما لا يليق بصفاته وقال الشيخ تقي الدين وأما الطيبات فقد فسرت بالأقوال الطيبات ولعل تفسيرها بما هو أعم أولى أعني الطيبات من الأفعال والأقوال والأوصاف وطيب الأوصاف كونها صفة الكمال وخلوصها عن شوب النقص وقال الشيخ حافظ الدين النسفي C التحيات العبادات القولية والصلوات العبادات الفعلية والطيبات العبادات المالية وقال البيضاوي والصلوات والطيبات بحرف العطف يحتمل أن يكونا معطوفين على التحيات وأن تكون الصلوات مبتدأ وخبره محذوف يدل عليه عليك والطيبات معطوفة عليها والواو الأولى لعطف الجملة على الجملة والثانية لعطف المفرد على المفرد وفي حديث ابن عباس لم يذكر العاطف أصلا انتهى ( قلت ) كل واحدة من الصلوات والطيبات مبتدأ وخبره محذوف تقديره والصلوات لله والطيبات لله فتكون هاتان الجملتان معطوفتين على الجملة الأولى وهي التحيات لله قوله السلام عليك أيها النبي قال النووي يجوز في السلام في الموضعين حذف اللام وإثباتها والإثبات أفضل ( قلت ) لم يقع في شيء من طرق حديث ابن مسعود بحذف اللام فإن كان مراده من الجواز من جهة العربية فله وجه وإن كان من جهة مراعاة لفظ النبي فلا وجه له نعم اختلف في حديث ابن عباس وهو من أفراد مسلم وقال الطيبي أصل سلام عليك سلمت سلاما عليك ثم حذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وعدل عن النصب إلى الرفع للابتداء للدلالة على ثبوت المعنى واستقراره وقال التوربشتي السلام بمعنى السلامة كالمقام والمقامة والسلام اسم من أسماء الله تعالى وضع المصدر موضع الاسم مبالغة والمعنى أنه سلام من كل عيب وآفة ونقص وفساد ومعنى قولنا السلام عليك الدعاء أي سلمت من المكاره وقيل معناه اسم السلام عليك كأنه يتبرك عليه باسم الله D ( فإن قلت ) ما الحكمة في العدول عن الغيبة إلى الخطاب في قوله عليك أيها النبي مع أن لفظ الغيبة هو الذي يقتضيه السياق كأن يقول السلام على النبي فينتقل من تحية الله إلى تحية النبي ثم إلى تحية النفس ثم إلى تحية الصالحين ( قلت ) أجاب الطيبي بما محصله نحن نتبع لفظ الرسول بعينه الذي علمه للصحابة ويحتمل أن يقال على طريقة أهل العرفان أن المصلين لما استفتحوا باب الملكوت بالتحيات أذن لهم بالدخول في حريم الحي الذي لا يموت فقرت أعينهم بالمناجاة فنبهوا على أن ذلك بواسطة نبي الرحمة وبركة متابعته فإذا التفتوا فإذا الحبيب في حرم الحبيب حاضر فأقبلوا عليه قائلين السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ( فإن قلت ) ما الألف واللام في السلام عليك ( قلت ) قال الطيبي إما للعهد التقديري أي ذلك السلام الذي وجه إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المتقدمة موجه إليك أيها النبي والسلام الذي وجه إلى الأمم السالفة من الصلحاء علينا وعلى إخواننا وإما للجنس أي حقيقة السلام الذي يعرفه كل أحد أنه ما هو وعمن يصدر وعلى