وعن سليمان بن مسلم وعن محمود بن غيلان وأخرجه ابن ماجه فيه عن عثمان بن أبي شيبة وعبد الله بن نمير .
ذكر معناه قوله لم يجلس جملة حالية أي لم يجلس للتشهد ووقع في رواية مسلم فلم يجلس بالفاء ووقع في رواية ابن عساكر ولم يجلس بزيادة واو قوله حتى إذا قضى الصلاة أي أداها وتممها والقضاء يأتي بمعنى الأداء كما في قوله تعالىوفيه فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ( الجمعة 10 ) أي فإذا أديت قوله وهو جالس جملة حالية قوله سجدتين أي سجدتي السهو .
ذكر ما يستفاد منه فيه أن التشهد الأول غير واجب لقوله لم يجلس وقد ذكرنا الخلاف فيه مستقصى وفيه أن الإمام إذا سها واستمر به السهو حتى يستوي قائما في موضع قعوده للتشهد الأول تبعه القوم قال الخطابي فيه أن موضع سجدتي السهو قبل السلام ومن فرق بأن السهو إذا كان من نقصان سجد قبل السلام وإذا كان من زيادة سجد بعد السلام لم يرجع فيما ذهب إليه إلى فرق صحيح قلت قوله موضع سجدتي السهو قبل السلام هو مذهب الشافعي وأحمد في رواية وهو مذهب الزهري ومكحول وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري والأوزاعي والليث بن سعد وقال ابن قدامة في ( المغني ) السجود كله عند أحمد قبل السلام إلا في الموضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام وهما إذا سلم من نقص في صلاته أو تحرى الإمام فبنى على غالب ظنه وما عداهما يسجد له قبل السلام نص على هذا في رواية الأثرم والجماعة المذكورون احتجوا بحديث الباب وقول الخطابي ومن فرق بأن السهو إلى آخره أشار به إلى مذهب مالك فإنه فصل وقال إن سجود السهو للنقصان قبل السلام وللزيادة بعد السلام وإليه ذهب أبو ثور أيضا ونفر من الحجازيين وأجاب الكرماني عن قول الخطابي لم يرجع فيما ذهب إليه إلى فرق صحيح بأن الفرق صحيح لأنه قال السجود في النقصان لجبر ما فات له من الصلاة فناسب أن يتداركه في نفس الصلاة وفي الزيادة لترغيم الشيطان فناسب خارج الصلاة قلت هذا دليل عقلي فلم لم يقل في رده على الخطابي إن مالكا عمل في النقصان بحديث ابن بحينة وهو حديث الباب وبحديث معاوية أخرجه النسائي أنه صلى إمامهم فقام في الصلاة وعليه جلوس فسبح الناس فتم على قيامه ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد أن أتم الصلاة ثم قعد على المنبر فقال إني سمعت رسول الله يقول من نسي شيئا من صلاته فليسجد مثل هاتين السجدتين ورواه الطحاوي بأصرح منه ولفظه أن معاوية صلى بهم فقام وعليه جلوس فلم يجلس فلما كان في آخر السجدة من صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم فقال هكذا رأيت رسول الله يصنع وعمل في النقصان بحديث ذي اليدين وغيره وقال الخطابي وحديث ذي اليدين محمول على أن تأخيره بعد السلام كان عن سهو وذلك أن الصلاة قد توالى فيها السهو والنسيان مرات في أمور شتى فلم ينكر أن يكون هذا منها انتهى قلت أشار به إلى الجواب عن حديث ذي اليدين الذي احتج به أصحابنا على أن سجدتي السهو بعد السلام وهذا غير سديد لأنه لا ضرورة إلى حمل تأخيره على السهو وقال النووي لأن جميع العلماء قائلون بجواز التقديم والتأخير ونزاعهم في الأفضل فتأخيره محمول على بيان الجواز قلت في قوله ونزاعهم في الأفضل فيه نظر لأن القدوري قال لو سجد للسهو قبل السلام روي عن أصحابنا أنه لا يجوز لأنه أداه قبل وقته ولكن قال صاحب ( الهداية ) هذا الخلاف في الأولوية وكذا قاله الماوردي في ( الحاوي ) وابن عبد البر وغيرهم وأصحابنا احتجوا فيما ذهبوا إليه بحديث المغيرة بن شعبة قال صلى بنا رسول الله فسها فنهض في الركعتين فسبحنا به فمضى فلما أتم الصلاة وسلم سجد سجدتي السهو أخرجه الطحاوي والترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه أبو داود أيضا واحتجوا أيضا بأحاديث رويت عن جماعة من الصخابة فيها سجود السهو بعد السلام وقد بينا ذلك في ( شرحنا لمعاني الآثار ) للحافظ أبي جعفر الطحاوي ومثل مذهبنا مروي عن جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين أما الصحابة فهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعمار بن ياسر وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم وأما التابعون فإبراهيم النخعي وابن أبي ليلى والحسن البصري وهو مذهب سفيان الثوري أيضا