خلف رسول الله فلما افتتح الصلاة كبر الحديث وفيه فلما فرغ من الفاتحة قال آمين يرفع بها صوته وروى أبو داود وابن ماجه عن بشر بن رافع عن عبد الله ابن عم أبي هريرة قال كان رسول الله إذا تلا غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين حتى يسمع من الصف الأول وزاد ابن ماجه فيرتج بها المسجد ورواه ابن حبان في ( صحيحه ) والحاكم في ( مستدركه ) وقال على شرط الشيخين ورواه الدارقطني في ( سننه ) وقال إسناده صحيح قلت الذي رواه أبو داود والترمذي عن سفيان يعارضه ما رواه الترمذي أيضا عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن أبيه وقال فيه وخفض بها صوته فإن قلت قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول حديث سفيان أصح من حديث شعبة وأخطأ شعبة في مواضع فقال حجر أبي العنبس وإنما هو حجر بن العنبس ويكنى أبا السكن وزاد فيه علقمة وإنما هو حجر عن أبي وائل وقال خفض بها صوته وإنما هو مد بها صوته قلت تخطئه مثل شعبة خطأ وكيف وهو أمير المؤمنين في الحديث وقوله هو حجر بن العنبس وليس بأبي العنبس ليس كما قاله بل هو أبو العنبس حجر بن العنبس وجزم به ابن حبان في ( الثقات ) فقال كنيته كاسم أبيه وقول محمد يكنى أبا السكن لا ينافي أن تكون كنيته أيضا أبا العنبس لأنه لا مانع أن يكون لشخص كنيتان وقوله وزاد فيه علقمة لا يضر لأن الزيادة من الثقة مقبولة ولا سيما من مثل شعبة وقوله وقال وخفض بها صوته وإنما هو ومد بها صوته يؤيد ما رواه الدارقطني عن وائل بن حجر قال صليت مع رسول الله فسمعته حين قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين فأخفى بها صوته فإن قلت قال الدارقطني وهم شعبة فيه لأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة بن كهيل فقالوا ورفع بها صوته وهو الصواب وطعن صاحب ( التنقيح ) في حديث شعبة هذا بأنه قد روي عنه خلافه كما أخرجه البيهقي في ( سننه ) عن أبي الوليد الطيالسي حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل سمعت حجرا أبا العنبس يحدث عن وائل الحضرمي أنه صلى خلف النبي فلما قال ولا الضالين قال آمين رافعا صوته قال فهذه الرواية توافق رواية سفيان وقال البيهقي في ( المعرفة ) إسناد هذه الرواية صحيح وكان شعبة يقول سفيان أحفظ وقال يحيى بن معين إذا خالف شعبة قول سفيان فالقول قول سفيان قال وقد أجمع الحفاظ البخاري وغيره أن شعبة أخطأ قلت قول الدارقطني وهم شعبة يدل على قلة اعتنائه بكلام هذا القائل وإثبات الوهم له لكونه غير معصوم موجود في سفيان فربما يكون هو وهم ويمكن أن يكون كلا الإسنادين صحيحا وقد قال بعض العلماء والصواب أن الخبرين بالجهر بها وبالمخافتة صحيحان وعمل بكل منهما جماعة من العلماء فإن قلت قال ابن القطان في كتابه هذا الحديث فيه أربعة أمور اختلاف سفيان وشعبة في اللفظ وفي الكنية وحجر لا يعرف حاله واختلافهما أيضا حيث جعل سفيان من رواية حجر عن علقمة بن وائل عن وائل قلت الجواب عن الأول لا يضر اختلا سفيان وشعبة لأن كلا منهما إمام عظيم الشأن فلا تسقط رواية أحدهما بروية الآخر وما يقال من الوهم في أحدهما يصدق في الآخر فلا ينتج من ذلك شيء وعن الثاني أيضا لا يضر الاختلاف المذكور في الاسم والكنية كما شرحناه الآن وعن الثالث أنه ممنوع وكيف لا يعرف حاله وقد ذكره البغوي وأبو الفرج وابن الأثير وغيرهم في جملة الصحابة ولئن نزلناه من رتبة الصحابة إلى رتبة التابعين فقد وجدنا جماعة أثنوا عليه ووثقوه منهم الخطيب أبو بكر البغدادي قال صار مع علي رضي الله تعالى عنه إلى النهروان وورد المدائن في صحبته وهو ثقة احتج بحديثه غير واحد من الأئمة وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وقال ابن معين كوفي ثقة مشهور وعن الرابع إن دخول علقمة في الوسط ليس بعيب لأنه سمعه من علقمة أولا بنزول ثم رواه عن وائل بعلو بين ذلك الكجي في ( سننه الكبير ) وأما حديث أبي هريرة ففي إسناده بشر بن رافع الحارثي وقد ضعفه البخاري والترمذي والنسائي وأحمد وابن معين وقال ابن القطان في كتابه بشر بن رافع أبو الأسباط الحارثي ضعيف وهو يروي هذا الحديث عن عبد الله ابن عم أبي هريرة وأبو عبد الله هذا لا يعرف له حال ولا روى عنه غير بشر والحديث لا يصح من أجله فسقط بذلك قول الحاكم على شرط الشيخين وتحسين الدارقطني إياه .
واحتج أصحابنا أيضا بما رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار حدثنا أبو حنيفة حدثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال أربع