ويمن أما تهامة فهي الناحية الجنوبية من الحجاز وأما نجد فهي الناحية التي من الحجاز والعراق وأما الحجاز فهو جبل يقبل من اليمن حتى يتصل بالشام وفيه المدينة وعمان وأما العروض فهي اليمامة إلى البحرين قال وإنما سمي الحجاز حجازا لأنه يحجز بين نجد وتهامة ومن المدينة إلى طريق مكة إلى أن يبلغ مهبط العرج حجازا أيضا وما وراء ذلك إلى مكة وجدة فهو تهامة وقال الواقدي الحجاز من المدينة إلى تبوك ومن المدينة إلى طريق الكوفة ومن وراء ذلك إلى أن يشارف أرض البصرة فهو نجد وما بين العراق وبين وجرة وعمرة الطائف نجد وما كان من وراء وجرة إلى البحر فهو تهامة وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز وقال قطرب تهامة من قولهم تهم البعير تهما دخله حر وتهم البعير إذا استنكر المرعى ولم يستمر به ولحم تهم خنز ويقال تهامة وتهومة وقيل سميت تهامة لأنها انخفضت عن نجد فتهم ريحها أي تغير وعن ابن دريد التهم شدة الحر وركود الريح وسميت بها تهامة قوله وهو بنخلة بفتح النون وسكون الخاء المعجمة وهو موضع معروف ثمة وبطن نخلة موضع بين مكة والطائف وقال البكري نخلة على لفظ الواحدة من النخل موضع على ليلة من مكة وهي التي نسب إليها بطن نخلة وهي التي ورد الحديث فيها ليلة الجن وهو غير منصرف للعلمية والتأنيث قوله عامدين حال وإنما جمع وإن كان ذو الحال واحدا باعتبار أن أصحابه معه كما يقال جاء السلطان والمراد هو واتباعه أو جمع تعظيما له قوله استمعوا له أي أنصتوا والفرق بين السماع والاستماع أن باب الافتعال لا بد فيه من التصرف فالاستماع تصرف بالقصد والإصغاء إليه والسماع أعم منه قوله فهناك ظرف مكان والعامل فيه قالوا ويروى فقالوا بالفاء فالعامل رجعوا مقدرا يفسره المذكور قوله أوحي إلي وقرأ حيوة الأسدي قل أوحي إلي ( الجن 1 ) وقال الزجاج في ( المعاني ) الأكثر أوحيت ويقال وحيت فالأصل وحى إلى قوله نفر من الجن ( الجن 1 ) قال الزجاج هؤلاء النفر من الجن كانوا من نصيبين وقيل أنهم كانوا من اليمن وقيل إنهم كانوا يهودا وقيل إنهم كانوا مشركين وذكر ابن دريد أن أسماءهم شاصر وماصر والأحقب ومنشىء وناشىء لم يزد شيئا وفي ( تفسير الضحاك ) كانوا تسعة من أهل نصيبين قرية باليمن غير التي بالعراق وفي رواية عاصم عن زر بن حبيش أنهم كانوا سبعة ثلاثة من أهل حران وأربعة من نصيبين ذكره القرطبي في ( تفسيره ) وعند الحاكم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه هبطوا على النبي ببطن نخلة وكانوا تسعة أحدهم زوبعة وقال صحيح الإسناد وعند القرطبي كانوا اثني عشر وعن عكرمة كانوا اثني عشر ألفا وفي ( تفسير النسفي ) وقيل كانوا من بني الشيبان وهم أكثر الجن عددا وهم عامة جنود إبليس قوله قرآنا عجبا ( الجن 1 ) أي بديعا مبينا لسائر الكتب في حسن نظمه وصحة معانيه قائمة فيه دلائل الإعجاز وانتصاب عجبا على أنه مصدر وضع موضع التعجب وفيه مبالغة والعجب ما خرج عن حد إشكاله ونظائره قوله يهدي إلى الرشد ( الجن 2 ) أي يدعو إلى الصواب وقيل يهدي إلى التوحيد والإيمان قوله فآمنا به ( الجن 2 ) أي بالقرآن قوله ولن نشرك بربنا أحدا ( الجن 2 ) يعني لما كان الإيمان بالقرآن إيمانا بالله D وبوحدانيته وبراءة من الشرك قالوا لن نشرك بربنا أحدا ( الجن 2 ) قوله فأنزل الله على نبيه قل أوحي إلي ( الجن 1 ) أي قل يا محمد أي أخبر قومك ما ليس لهم به علم ثم بين فقال أوحي إلي أنع استمع نفر من الجن ( الجن 1 ) وقال ابن إسحاق لما أيس رسول الله من خبر ثقيف انصرف عن الطائف راجعا إلى مكة حتى كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تعالى وهم فيما ذكر لي سبعة نفر من أهل جن نصيبين فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا فقص خبرهم عليه فقال تعالى وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن إلى قوله أليم ثم قال تعالى قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ( الأحقاف 29 ) إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة وإلى هذا المعنى أشار البخاري بقوله وإنما أوحي إليه قول الجن وأراد بقول الجن هم الذين قص خبرهم عليه .
ذكر ما يستفاد منه وهو على وجوه الأول في وقت صرف الجن إلى النبي وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنين وقبل الإسراء وذكر الواقدي أن رسول الله خرج إلى الطائف لثلاث بقين من شوال وأقام خمسا وعشرين ليلة وقدم مكة لثلاث وعشرين خلت من ذي القعدة يوم الثلاثاء وأقام بمكة ثلاثة أشهر وقدم عليه جن الحجون في ربيع الأول سنة إحدى