على ابن عباس في شباب من بني هاشم فقلنا لشاب سل ابن عباس أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر فقال لا لا فقيل له إن ناسا يقرؤون في الظهر والعصر فقال فلعله كان يقرأ في نفسه فقال خمشا هذه شر من الأولى كان عبدا مأمورا بلغ ما أرسل به الحديث وروى الطحاوي من حديث عكرمة عن ابن عباس أنه قيل له إن ناسا يقرأون في الظهر والعصر فقال لو كان لي عليهم سبيل لقلعت ألسنتهم إن النبي قرأ وكانت قراءته لنا قراءة وسكوته لنا سكوتا وأخرجه البزار عن عكرمة أن رجلا سأل ابن عباس عن القراءة في الظهر والعصر فقال قرأ رسول الله في صلوات فنقرأ فيما قرأ فيه ونسكت فيما سكت فقلت كان يقرأ في نفسه فغضب وقال أتتهمون رسول الله وأخرجه أحمد ولفظه عن عكرمة قال قال ابن عباس قرأ رسول الله فيما أمر أن يقرأ فيه وسكت فيما أمر أن يسكت فيه وما كان ربك نسيا ( مريم 64 ) ولقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ( الأحزاب 21 ) وإلى هذه الأحاديث ذهب قوم منهم سويد بن غفلة والحسن ابن صالح وإبن إبراهيم بن علية ومالك في رواية وقالوا لا قراءة في الظهر والعصر أصلا قلت فإذا كان الأمر كذلك كيف يقول الكرماني يقرأ أي غير الفاتحة ويأتي بالتقييد في موضع الإطلاق من غير دليل يقوم به ولكن لا بدع في هذا منه فإنه لم يطلع على أحاديث هذا الباب ولا على اختلاف السلف فيه وقصده مجرد تمشية مذهبه نصرة لإمامه من غير برهان ونذكر عن قريب الكلام فيه مستوفى قوله قال نعم أي نعم كان يقرأ قوله فقلنا بالفاء العاطفة ويروى قلنا بدون الفاء قوله بم كنتم أصله بما فحذفت الألف تخفيفا قوله تعرفون ذلك ويروى ذاك وفي رواية الطحاوي بأي شيء كنتم تعرفون ذلك وفي لفظ للبخاري بأي شيء كنتم تعلمون قراءته وفي رواية ابن أبي شيبة بأي شيء كنتم تعرفون قراءة رسول الله قوله باضطراب لحيته بكسر اللام أي بحركتها وقد جاء في بعض الروايات لحييه بفتح اللام وبالياءين أولاهما مفتوحة والأخرى ساكنة وهي تثنية لحي بفتح اللام وسكون الحاء وهو منبت اللحية من الإنسان وفي ( المحكم ) اللحية اسم لجمع من الشعر ما ينبت على الخدين والذقن واللحي الذي ينبت عليه العارض والجمع ألح ولحى وألحاء وفي ( الجامع ) للقزاز يقال لحية بكسر اللام و لحية بفتح اللام والجمع لحي ولحي .
ذكر ما يستفاد منه استدل بالحديث المذكور على وجوب القراءة في الظهر والعصر قال الطحاوي C بعد أن روى هذا الحديث فلم يكن في هذا دليل عندنا على أنه قد كان يقرأ فيهما لأنه قد يجوز أن تضطرب لحيته بتسبيح يسبحه أو دعاء ولكن الذي حقق القراءة منه في هاتين الصلاتين ما قد رويناه من الآثار التي في الفصل الذي قبل هذا قلت أراد بها ما رواه عن أبي قتادة وأبي سعيد الخدري وجابر بن سمرة وعمران بن حصين وأبي هريرة وأنس بن مالك وعلي أما حديث أبي قتادة فأخرجه البخاري على ما يأتي عن قريب وكذلك حديث جابر بن سمرة وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه مسلم عنه أن النبي كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك وفي العصر الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية وفي الأخريين قدر نصف ذلك وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه مسلم عنه أن رسول الله صلى الظهر فجعل رجل يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى فلما انصرف قال أيكم قرأ أو أيكم القارىء قال رجل أنا قال قد علمت أن بعضكم خالجنيها أي نازعني قراءتها وأما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي عن عطاء قال قال أبو هريرة وكل صلاة يقرأ فيها فما أسمعنا رسول الله أسمعناكم وما أخفي عنا أخفينا عنكم وأما حديث أنس فأخرجه النسائي من حديث عبد الله بن عبيد قال سمعت أبا بكر بن النضر قال كنا بالطف عند أنس فصلى بهم الظهر فلما فرغ قال إني صليت مع رسول الله صلاة الظهر فقرأ لنا بهاتين السورتين في الركعتين بسبح اسم ربك الأعلى وبهل أتاك حديث الغاشية وهذه الأحاديث قد حققت القراءة من النبي في الظهر والعصر وانتفى ما روي عن ابن عباس الذي ذكرناه عن قريب لأن غيره من الصحابة قد تحققوا قراءة رسول الله في الظهر والعصر وقال الخطابي في جواب هذا إنه وهم من ابن عباس لأنه ثبت عن النبي أنه كان يقرأ في الظهر والعصر من طرق كثيرة كحديث قتادة وخباب ابن الأرت وغيرهما قلت عندي جواب أحسن من هذا مع رعاية الأدب في حق ابن عباس وهو أن ابن عباس استند في هذا