وعشرون نفسا أما حديث أبي هريرة فرواه النسائي في سننه من حديث نعيم المجمر قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين في آخره فلما سلم قال إني لأشبهكم صلاة برسول الله وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه وقال أنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه وقال حديث صحيح ورواته كلهم ثقات وأخره البيهقي في سننه وقال إسناده صحيح وله شواهد وقال في الخلافيات رواته كلهم ثقات مجمع على عدالتهم محتج بهم في الصحيح والجواب عنه من وجوه الأول أنهم معلول فإن ذكر البسملة فيه مما تفرد به نعيم المجمر من بين أصحاب أبي هريرة وهم ثمان مائة ما بين صاحب وتابع ولا يثبت عن ثقة من أصحاب أبي هريرة أنه حدث عن أبي هريرة أنه كان يجهر بالبسملة في الصلاة ألا ترى كيف أعرض صاحب الصحيح عن ذكر البسملة في حديث أبي هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها الحديث ( فإن قلت ) قد رواها نعيم المجمر وهو ثقة والزيادة عن الثقة مقبولة ( قلت ) في هذا خلاف مشهور فمنهم من لا يقبلها الثاني أن قوله فقرأ أو قال ليس بصريح أنه سمعها منه إذ يجوز أن يكون أبو هريرة أخبر نعيما بأنه قرأها سرا ويجوز أن يكون سمعها منه في مخافتته لقربه منه كما روى عنه من أنواع الاستفتاح وألفاظ الذكر في قيامه وقعوده وركوعه وسجوده ولم يكن منه ذلك دليلا على الجهر الثالث أن التشبيه لا يقتضي أن يكون مثله من كل وجه بل يكفي في غالب الأفعال وذلك متحقق في التكبير وغيره دون البسملة فإن التكبير وغيره من أفعال الصلاة ثابت صحيح عن أبي هريرة وكان مقصوده الرد على من تركه وأما التسمية ففي صحتها عنه نظر فينصرف إلى الصحيح الثابت دون غيره ويلزمهم على القول بالتشبيه من كل وجه أن يقولوا بالجهر بالتعوذ فإن الشافعي روى أخبرنا أبو محمد الأسلمي عن ربيعة بن عثمان عن صالح بن أبي صالح أنه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته في المكتوبة إذا فرغ من أم القرآن ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم فهلا أخذوا بهذا كما أخذوا بجهر البسملة مستدلين بما في الصحيحين عنه فما أسمعنا أسمعناكم وما أخفانا أخفيناكم وكيف يظن بأبي هريرة أنه يريد التشبيه في الجهر بالبسملة وهو الراوي عن النبي وقال يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي الحديث أخرجه مسلم عن سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة وهذا ظاهر في أن البسملة ليست من الفاتحة وإلا لابتدأ بها وقال أبو عمر حديث العلاء هذا قاطع لقلق المنازعين وهو نصر لا يحتمل التأويل ولا أعلم حديثا في سقوط البسملة أبين منه واعترض بعض المتأخرين على هذا الحديث بأمرين أحدهما لا يعتبر بكون هذا الحديث في مسلم فإن العلاء بن عبد الرحمن تكلم فيه ابن معين فقال ليس حديثه بحجة مضطرب الحديث وقال ابن عدي وقد انفرد بهذا الحديث فلا يحتج به الثاني على تقدير صحته فقد جاء في بعض الروايات عنه ذكر التسمية كما أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة سمعت رسول الله يقول قسمت الصلاة بيني وبين عبدي فنصفها له يقول عبدي إذا افتتح الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي ثم يقول الحمد لله رب العالمين فأقول حمدني عبدي الحديث وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة ولكنها مفسرة بحديث مسلم أنه أراد السورة لا الآية ( قلت ) هذا القائل حملة الجهل وفرط التعصب ورداءة الرأي والفكر على أنه ترك الحديث الصحيح وضعفه لكونه غير موافق لمذهبه وقال لا يعتبر بكونه في مسلم مع أنه قد رواه عن العلاء الأئمة الثقات الأثبات كمالك وسفيان بن عيينة وابن جريج وشعيب وعبد العزيز الداروردي وإسماعيل بن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير وغيرهم والعلاء في نفسه ثقة صدوق وهذه الرواية مما انفرد بها عنه ابن سمعان وقال عمر بن عبد الواحد سألت مالكا عنه أي ابن سمعان فقال كان كذابا وكذا قال يحيى بن معين وقال يحيى بن بكير قال هشام بن عروة فيه لقد كذب علي وحدث عني بأحاديث لم أحدثها له وعن أحمد متروك الحديث وكذا قال أبو داود وزاد من الكذابين ( فإن قلت ) أخرج الخطيب عن أبي أويس