في الصلاة فكان أولى من إشارته إلى العورة بالوضع تحت السرة وهذا قول من ذهب إلى أن السنة الوضع على الصدر ونحن نقول الوضع تحت السرة أقرب إلى التعظيم وأبعد من التشبه بأهل الكتاب وأقرب إلى ستر العورة وحفظ الإزار عن السقوط وذلك كما يفعل بين يدي الملوك وفي الوضع على الصدر تشبه بالنساء فلا يسن .
( قال إسماعيل ينمى ذلك ولم يقل ينمي ) .
قال صاحب التلويح إسماعيل هذا يشبه أن يكون إسماعيل بن اسحق الراوي عن القعنبي هذا الحديث في سنن البيهقي وقال بعضهم إسماعيل هذا هو إسماعيل ابن أبي أويس شيخ البخاري كما جزم به الحميدي في الجمع وأنكر على صاحب التلويح فيما قاله فقال ظن أنه المراد وليس كذلك لأن رواية إسماعيل بن اسحق موافقة لرواية البخاري ولم يذكر أحد أن البخاري روى عنه وهو أحدث سنا من البخاري وأحدث سماعا ( قلت ) لا يتوجه الرد على صاحب التلويح لأنه لم يجزم بما قاله ولا يلزم من كون إسماعيل بن اسحق المذكور أحدث سنا من البخاري وأحدث سماعا نفى رواية البخاري عنه قوله ينمى بضم الياء وفتح الميم على صيغة المجهول ولم يقل ينمي بفتح الياء على صيغة المعلوم فعلى صيغة المجهول يكون الحديث مرسلا لأن أبا حازم لم يعين من إنماء له وعلى صيغة المعلوم يكون الحديث متصلا لأن الضمير فيه يكون لسهل بن سعد لأن أبا حازم حينئذ قد يتعين له المسند وهو سهل بن سعد وقال بعضهم فعلى الأول الهاء ضمير الشأن فيكون مرسلا ( قلت ) أراد بالأول صيغة المجهول وأراد بضمير الشأن الضمير المنصوب في لا أعلمه وليس هذا بضمير الشأن وإنما هو يرجع إلى ما ذكر من الحديث - .
88 - .
( باب الخشوع في الصلاة ) .
أي هذا باب في بيان الخشوع في الصلاة ولما كان الباب السابق في وضع اليمنى على اليسرى وهو صفة السائل الذليل وأنه أقرب إلى الخشوع وأمنع من العبث الذي يذهب بالخشوع وذكر هذا الباب عقيب ذاك حثا وتحريضا للمصلي على ملازمة الخشوع ليدخل في زمرة الذين مدحهم الله تعالى في كتابه بقوله قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ( المؤمنون 1 و2 ) قال ابن عباس مخبتون أذلاء وقال الحسن خائفون وقال مقاتل متواضعون وقال علي الخشوع في القلب وأن تلين للمسلم كتفك ولا تلتفت وقال مجاهد هو غض البصر وخفض الجناح وقال عمرو بن دينار ليس الخشوع الركوع والسجود ولكنه السكون وحسن الهيئة في الصلاة وقال ابن سيرين هو أن لا ترفع بصرك عن موضع سجودك وقال قتادة الخشوع وضع اليمنى على الشمال في الصلاة وقيل هو جمع الهمة لها والإعراض عما سواها وقال أبو بكر الواسطي هو الصلاة تعالى على الخلوص من غير عوض وعن ابن أبي الورد يحتاج المصلي إلى أربع خلال حتى يكون خاشعا إعظام المقام وإخلاص المقال واليقين التمام وجمع الهم .
وليس في رواية أبي ذر ذكر الباب وهو في رواية غيره والأصح الأولى ذكره .
741 - حدثنا ( إسماعيل ) قال حدثني ( مالك ) عن ( أبي الزناد ) عن ( الأعرج ) عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال هل ترون قبلتي ههنا والله ما يخفى علي ركوعكم ولا خشوعكم وإني لأركم وراء ظهري ( أنظر الحديث 418 ) .
هذا الحديث أخرجه في باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره نحوه وههنا أخرجه عن إسماعيل بن أبي أويس ابن عم مالك بن أنس عن مالك عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة وقد تكلمنا هناك بما يتعلق به من سائر الوجوه وبقي هنا ذكر وجه المطابقة بينه وبين الترجمة من حيث إن في قوله ولا خشوعكم تنبيها إياهم على التلبس بالخشوع في الصلاة لأنه لم يقل ذلك إلا وقد رأى أن فيهم الالتفات وعدم السكون اللذين ينافيان الخشوع والمصلي لا يدخل في قوله تعالى قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ( المؤمنون 1و2 )