والآخر عن مسدد عن يحيى عن حسين عن قتادة عن أنس فقوله عن حسين عطف على شعبة والتقدير عن شعبة وحسين كلاهما عن قتادة وإنما لم يجمعهما لأن شيخه أفردهما فأورده البخاري معطوفا اختصارا ولأن شعبة قال عن قتادة وقال حسين حدثنا قتادة وقال بعض المتأخرين طريق حسين معلقة وهو غير صحيح فقد رواه أبو نعيم في ( المستخرج ) من طريق إبراهيم الحربي عن مسدد شيخ البخاري عن يحيى القطان عن حسين المعلم وقال الكرماني قوله وعن حسين هو عطف إما على حدثنا مسدد فيكون تعليقا والطريق بين حسين والبخاري غير طريق مسدد وإما على شعبة فكأنه قال حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حسين وإما على قتادة فكأنه قال عن شعبة عن حسين عن قتادة ولا يجوز عطفه على يحيى لأن مسددا لم يسمع عن الحسين وروايته عنه إنما هو من باب التعليق وعلى التقدير الأول ذكره على سبيل المتابعة قلت هذا كله مبني على حكم العقل وليس كذلك وليس هو بعطف على مسدد ولا على قتادة وإنما هو عطف على شعبة كما ذكرنا والمتن الذي سيق ههنا هو لفظ شعبة وأما لفظ حسين فهو الذي رواه أبو نعيم في ( المستخرج ) عن إبراهيم الحربي عن مسدد عن يحيى القطان عن حسين المعلم عن قتادة عن أنس Bه عن النبي قال لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ولجاره فإن قيل قتادة مدلس ولم يصرح بالسماع عن أنس في رواية شعبة قلت قد صرح أحمد بن حنبل والنسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس فانتفت تهمة تدليسه .
( بيان اختلاف الروايات فيه ) قوله لا يؤمن حتى يحب في رواية المستملي لا يؤمن أحدكم حتى يحب وفي رواية الأصيلي لا يؤمن أحدكم حتى يحب وقال الشيخ قطب الدين قد سقط لفظ أحدكم في بعض نسخ البخاري وثبت في بعضها كما جاء في مسلم قلت وفي بعض نسخ البخاري لا يؤمن يعني أحدكم حتى يحب وفي رواية ابن عساكر لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه وكذا في رواية لمسلم عن أبي خيثمة وفي رواية لمسلم والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب الحديث قوله حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه هكذا هو عند البخاري ووقع في مسلم على الشك في قوله لأخيه أو لجاره وكذا وقع في مسند عبد بن حميد على الشك وكذا في رواية للنسائي وفي رواية للنسائي لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير وكذا للإسماعيلي من طريق روح عن حسين حتى يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير وكذا في رواية ابن منده من رواية همام عن قتادة وفي رواية ابن حبان من رواية ابن أبي عدي عن حسين لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحب إلى آخره .
( بيان من أخرجه غيره ) قد عرفت أن البخاري أخرجه هنا عن مسدد عن يحيى عن شعبة وعن حسين عن قتادة عن أنس وروى مسلم في الإيملن عن المثنى وابن بشار عن غندر عن شعبة وعن الزهري عن يحيى القطان عن حسين المعلم كلاهما عن قتادة عن أنس وأخرجه الترمذي والنسائي أيضا .
( بيان اللغة والإعراب ) قد مر تفسير الإيمان فيما مضى وأما المحبة فقد قال النووي أصلها الميل إلى ما يوافق المحب ثم الميل قد يكون بما يستلذه بحواسه بحسن الصورة وبما يستلذه بعقله كمحبة الفضل والجمال وقد يكون لإحسانه إليه ودفعه المضار عنه وقال بعضهم المراد بالميل هنا الإختياري دون الطبع والقسري والمراد أيضا بأن يحب الخ أن يحصل لأخيه نظير ما يحصل له لا عينه سواء كان ذلك في الأمور المحسوسة أو المعنوية وليس المراد أن يحصل لأخيه ما حصل له مع سلبه عنه ولا مع بقائه بعينه له إذ قيام الجوهر أو العرض بمحلين محال قلت قوله والمراد أيضا بأن يحب إلى آخره ليس تفسير المحبة وإنما المحبة مطالعة المنة من رؤية إحسان أخيه وبره وأياديه ونعمه المتقدمة التي ابتدأ بها من غير عمل استحقها به وستره على معايبه وهذه محبة العوام قد تتغير بتغير الإحسان فإن زاد الإحسان زاد الحب وإن نقصه نقصه وأما محبة الخواص فهي تنشأ من مطالعة شواهد الكمال لأجل الإعظام والإجلال ومراعاة حق أخيه المسلم فهذه لا تتغير لأنها لله تعالى لا لأجل غرض دنيوي ويقال المحبة ههنا هي مجرد تمني الخير لأخيه المسلم فلا يعسر ذلك إلا على القلب السقيم غير المستقيم وقال القاضي عياض المراد من قوله حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه أن يحب لأخيه من الطاعات والمباحات وظاهره يقتضي التسوية وحقيقته التفضيل لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل الناس فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل هو من جملة المفضولين وكذلك الإنسان يحب أن ينتصف من حقه ومظلمته فإذا كانت لأخيه عنده مظلمة