بأن المكارم لها نوعان أحدهما مالية أشار إليها بقوله تطعم الطعام والآخر بدنية أشار إليها بقوله وتقرأ السلام ويقال وجه تخصيص هاتين الخصلتين وهو مساس الحاجة إليهما في ذلك الوقت لما كانوا فيه من الجهد ولمصلحة التأليف ويدل على ذلك أنه حث عليهما أول ما دخل المدينة كما رواه الترمذي مصححا من حديث عبد الله بن سلام قال أول ما قدم رسول الله المدينة انجفل الناس إليه فكنت ممن جاءه فلما تأملت وجهه واشتبهته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب قال وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام وقال الخطابي جعل أفضلها إطعام الطعام الذي هو قوام الأبدان ثم جعل خير الأقوال في البر والإكرام إفشاء السلام الذي يعم ولا يخص من عرف ومن لم يعرف حتى يكون خالصا لله تعالى بريئا من حظ النفس والتصنع لأنه شعار الإسلام فحق كل مسلم فيه شائع ورد في حديث إن السلام في آخر الزمان للمعرفة يكون ومنها ما قيل جاء في الجواب ههنا أن الخير أن تطعم الطعام وفي الحديث الذي قبله أنه من سلم المسلمون فما وجه التوفيق بينهما أجيب بأن الجوابين كانا في وقتين فأجاب في كل وقت بما هو الأفضل في حق السامع أو أهل المجلس فقد يكون ظهر من أحدهما قلة المراعاة ليده ولسانه وإيذاء المسلمين ومن الثاني إمساك من الطعام وتكبر فأجابهما على حسب حالهما أو علم أن السائل الأول يسأل عن أفضل التروك والثاني عن خير الأفعال أو أن الأول يسأل عما يدفع المضار والثاني عما يجلب المسار أو أنهما بالحقيقة متلازمان إذ الإطعام مستلزم لسلامة اليد والسلام لسلامة اللسان قلت ينبغي أن يقيد هذا بالغالب أو في العادة فافهم .
7 - .
( باب من الإيمان أن يحب لإخيه ما يحب لنفسه ) .
أي هذا باب ولا يجوز فيه إلا الإعراب بالتنوين أو الوقف على السكون وليس فيه مجال للإضافة والتقدير هذا باب فيه من شعب الإيمان أن يحب الرجل لأخيه ما يحبه لنفسه وجه المناسبة بين البابين أن الشعبة الواحدة في الباب الأول هي إطعام الطعام وهو غالبا لا يكون إلا عن محبة المطعم وهذا الباب فيه شعبة وهي المحبة لأخيه وقال الكرماني قدم لفظة من الإيمان بخلاف أخواته حيث يقول حب الرسول من الإيمان ونحو ذلك من الأبواب الآتية التي مثله إما للاهتمام بذكره وإما للحصر فكأنه قال المحبة المذكورة ليست إلا من الإيمان تعظيما لهذه المحبة وتحريضا عليها وقال بعضهم هو توجيه حسن إلا أنه يرد عليه أن الذي بعده أليق بالاهتمام والحصر معا وهو قوله باب حب الرسول من الإيمان فالظاهر أنه أراد التنويع في العبارة ويمكن أنه اهتم بذكر حب الرسول فقدمه قلت الذي ذكره لا يرد على الكرماني وإنما يرد على البخاري حيث لم يقل باب من الإيمان حب الرسول ولكن يمكن أن يجاب عنه بأنه إنما قدم لفظة حب الرسول إما اهتماما بذكره أولا وإما استلذاذا باسمه مقدما ولأن محبته هي عين الإيمان ولولا هو ما عرف الإيمان .
13 - حدثنا ( مسدد ) قال حدثنا ( يحيى ) عن ( شعبة ) عن ( قتادة ) عن ( أنس ) Bه عن النبي وعن ( حسين المعلم ) قال حدثنا ( قتادة ) عن ( أنس ) عن النبي قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة لا تخفى .
( بيان رجاله ) وهم ستة الأول مسدد بضم الميم وفتح السين والدال المشددة المهملة ابن مسرهد بن مسربل ابن مرعبل بن ارندل بن سرندل بن غرندل بن ماسك بن مستورد الأسدي من ثقات أهل البصرة سمع حماد بن زيد وابن عيينة ويحيى القطان روى عنه أبو حاتم الرازي وأبو داود ومحمد بن يحيى الذهلي وأبو زرعة وإسماعيل بن إسحاق ونظراؤهم قال أحمد بن عبد الله ثقة وقال أحمد ويحيى بن معين صدوق توفي في رمضان سنة ثلاث وعشرين ومائتين