من أصحاب الشافعي إن ترك الترجيع يعتد به وحكى عن بعض أصحابه أنه لا يعتد به كما لو ترك سائر كلماته كذا في ( الحلية ) وفي ( شرح الوجيز ) والأصح أنه إن ترك الترجيع لم يضره وحجة الشافعي حديث أبي محذورة أن رسول الله علمه الأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم يعود فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله رواه الجماعة إلا البخاري من حديث عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة وحجة أصحابنا حديث عبد الله بن زيد من غير ترجيع فيه وكأن حديث أبي محذورة لأجل التعليم فكرره فظن أبو محذورة أنه ترجيع وأنه في أصل الأذان وروى الطبراني في ( معجمه الأوسط ) عن أبي محذورة أنه قال ألقى علي رسول الله الأذان حرفا حرفا الله أكبر الله أكبر إلى آخره لم يذكر فيه ترجيعا وأذان بلال بحضرة رسول الله سفرا وحضرا وهو مؤذن رسول الله بإطباق أهل الإسلام إلى أن توفي رسول الله ومؤذن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه إلى أن توفي من غير ترجيع .
الرابعة أن التكبير في أول الأذان مربع على ما في حديث أبي محذورة رواه مسلم وأبو عوانة والحاكم وهو المحفوظ عن الشافعي من حديث ابن زيد رضي الله تعالى عنه وقال أبو عمر ذهب مالك وأصحابه إلى أن التكبير في أول الأذان مرتين قال وقد روي ذلك من وجوه صحاح في أذان أبي محذورة وأذان ابن زيد والعمل عندهم بالمدينة على ذلك في آل سعد القرظ إلى زمانهم قلنا الذي ذهبنا إليه هو أذان الملك النازل من السماء .
الخامسة في أذان الفجر الصلاة خير من النوم مرتين بعد الفلاح لما روى الطبراني في ( معجمه الكبير ) بإسناده عن بلال أنه أتى النبي يؤذنه بالصبح فوجده راقدا فقال الصلاة خير من النوم مرتين فقال النبي ما أحسن هذا يا بلال إجعله في أذانك وأخرجه الحافظ أبو الشيخ في ( كتاب الأذان ) له عن ابن عمر قال جاء بلال إلى النبي يؤذنه بالصلاة فوجده قد أغفى فقال الصلاة خير من النوم فقال له إجعله في أذانك إذا أذنت للصبح فجعل بلال يقولها إذا أذن للصبح ورواه ابن ماجه من حديث سعيد بن المسيب عن بلال أنه أتى النبي يؤذنه بصلاة الفجر فقيل هو نائم فقال الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم فأقرت في تأذين الفجر وخص الفجر به لأنه وقت نوم وغفلة .
السادسة في معاني كلمات الأذان ذكر ثعلب أن أهل العربية اختلفوا في معنى أكبر فقال أهل اللغة معناه كبير واحتجوا بقوله تعالى وهو أهون عليه ( الروم 27 ) معناه وهو هين عليه وكما في قول الشاعر .
( تمنى رجال أن أموت وإن أمتعفتلك سبيل لست فيها بأوحد ) .
أي لست فيها بواحد وقال الكسائي والفراء وهشام معناه أكبر من كل شيء فحذفت من كما في قول الشاعر .
( إذا ما ستور البيت أرخيت لم يكن .
سراج لنا إلا ووجهك أنور ) .
أي أنور من غيره وقال ابن الأنباري وأجاز أبو العباس ألله كبر واحتج بأن الأذان سمع وقفا لا إعراب فيه قولهأشهد أن لا إله إلا الله معناه أعلم وأبين ومن ذلك شهد الشاهد عند الحاكم معناه قد بين له وأعلمه الخبر الذي عنده وقال أبو عبيدة معناه أقضي كما في شهد الله ( آل عمران 18 ) معناه قضى الله وقال الزجاجي ليس كذلك وإنما حقيقة الشهادة هو تيقن الشيء وتحققه من شهادة الشيء أي حضوره قوله رسول الله قال ابن الأنباري الرسول معناه في اللغة الذي تتابع الأخبار من الذي بعثه من قول العرب قد جاءت الإبل رسلا أي جاءت متتابعة ويقال في تثنيته رسولان وفي جمعه رسل ومن العرب من يوحده في موضع التثنية والجمع فيقول الرجلان رسولك والرجال رسولك قال الله تعالى إنا رسولا ربك ( طه 47 ) وفي موضع آخر أنا رسول رب العالمين ( مريم 190 ) ففي الأول خرج الكلام على ظاهره لأنه إخبار عن موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام وفي الثاني بمعنى الرسالة كأنه قال إنا رسالة رب العالمين قاله يونس وقال أبو إسحاق الزجاج ليس ما ذكره ابن الأنباري في اشتقاق الرسول صحيحا وإنما الرسول المرسل المبعد من أرسلت 9أبعدت وبعثت وإنما توهم