استفاده من بقية الحديث الذي هذا مختصره وإما من إجراء الراوي الفائتة التي هي العصر والحاضرة التي هي المغرب مجرى واحدا ولا شك أن المغرب كان بالجماعة كما هو معلوم من عادة رسول الله ( قلت ) الوجه الأول هو الذي ذكرناه وهو الذي كان في نفس الأمر وأما الوجه الثاني فلا وجه له لأنه يرده ما رواه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوى من الليل حتى كفينا فدعا رسول الله بلالا فأقام صلاة الظهر فصلاها كما كان يصليها في وقتها ثم أمره فأقام العصر فصلاها كذلك ثم أمره فأقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك قال وذلك قبل أن ينزل الله D في صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا .
( ذكر رجاله ) وهم ستة الأول معاذ بضم الميم ابن فضالة الزهراني ويقال القريشي مولاهم البصري الثاني هشام ابن أبي عبد الله الدستوائي الثالث يحيى بن أبي كثير الرابع أبو سلمة بن عبد الرحمن وقد تقدم ذكرهم غير مرة الخامس جابر بن عبد الله الأنصاري السادس عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .
( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع وفيه القول في موضع واحد وفيه أن شيخ البخاري من أفراده وفيه أن رواته ما بين بصري ومدني .
( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا عن مسدد عن يحيى وعن أبي نعيم عن شيبان وفي صلاة الخوف عن يحيى عن وكيع وأخرجه في المغازي عن مكي بن إبراهيم وأخرجه مسلم أيضا في الصلاة عن أبي موسى وأبي غسان وأبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه الترمذي فيه عن محمد بن بشار عن معاذ بن هشام وأخرجه النسائي فيه عن إسماعيل بن مسعود ومحمد بن عبد الأعلى .
( ذكر معناه ) قوله يوم الخندق أي يوم حفر الخندق وهو لفظ أعجمي تكلمت به العرب وكانت في السنة الرابعة من الهجرة ويسمى بغزوة الأحزاب قوله بعدما غربت الشمس وفي رواية للبخاري عن شيبان عن يحيى بعدما أفطر الصائم والمعنى واحد قوله فجعل أي عمر يسب الكفار لأنهم كانوا السبب لاشتغال المسلمين بحفر الخندق الذي هو سبب لفوات صلاتهم قوله ما كدت أصلي العصر اعلم أن كاد من أفعال المقاربة وهي على ثلاثة أنواع نوع منها وضع للدلالة على قرب الخبر وهو كاد وكرب وأوشك والراجح في كاد أن لا يقرن بأن عكس عسى وقد وقع في رواية مسلم حتى كادت الشمس أن تغرب قال الكرماني ( فإن قلت ) ظاهره يقتضي أن عمر رضي الله تعالى عنه صلى قبل الغروب ( قلت ) لا نسلم بل يقتضي أن كيدودته كانت عند كيدودتها ولا يلزم وقوع الصلاة فيها بل يلزم أن لا تقع الصلاة فيها إذ حاصله عرفا ما صليت حتى غربت الشمس وقال اليعمري إذا تقرر أن معنى كاد المقاربة فقول عمر رضي الله تعالى عنه ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب معناه أنه صلى العصر قرب غروب الشمس لأن نفي الصلاة يقتضي إثباتها وإثبات الغروب يقتضي نفيه فيحصل من ذلك لعمر ثبوت الصلاة ولم يثبت الغروب وقال بعضهم لا يخفى ما بين التقريرين من الفرق وما ادعاه من الفرق ممنوع وكذلك العندية للفرق الذي أوضحه اليعمري من الإثبات والنفي لأن كاد إذا أثبتت نفت وإذا نفت أثبتت هذا مع ما في تعبيره بلفظ كيدودة من الثقل انتهى ( قلت ) كل ذلك لا يشفي العليل ولا يروي الغليل والتحقيق في هذا المقام أن كاد إذا دخل عليه النفي فيه ثلاثة مذاهب الأول أنها كالأفعال إذا تجردت من النفي كان معناه إثباتا وإن دخل عليها نفي كان معناها نفيا لأن قولك كاد زيد يقوم معناه إثبات قرب القيام لا إثبات نفس القيام فإذا قلت ما كاد زيد يفعل فمعناه نفي قرب الفعل الثاني أنه إذا دخل عليها النفي كانت للإثبات الثالث إذا دخل عليها حرف النفي ينظر هل دخل على الماضي أو على المستقبل فإن كان ماضيا فهي للإثبات وإن كان مستقبلا فهي كالأفعال والأصح هو المذهب الأول نص عليه ابن الحاجب وإذا تقرر هذا فكاد ههنا دخل عليه النفي فصار معناه نفيا يعني نفي قرب الصلاة كما في قولك ما كاد زيد يفعل نفي قرب الفعل فإذا نفى قرب الصلاة فنفي الصلاة بطريق الأولى وقوله حتى كادت الشمس تغرب حال عن النفي فهي كسائر الأفعال وقول اليعمري يشير إلى المذهب الثالث وهو غير صحيح ولا يمشي ههنا أيضا ( فإن قلت ) قوله تعالى فذبحوها وما كادوا يفعلون يساعد المذهب الثالث لأن كاد ههنا دخل عليها النفي وهو ماض