الله تعالى ومثل المسلمين الذين قبلوا هدى الله وما جاء به رسول الله والمقصود من هذا الحديث ضرب المثل للناس الذين شرع لهم دين موسى E ليعملوا الدهر كله بما يأمرهم به وينهاهم إلى أن بعث الله عيسى E فأمرهم باتباعه فأبوا وتبرأوا مما جاء به وعمل آخرون بما جاء به عيسى عليه السلام فأمرهم على أن يعملوا بما يؤمرون به باقي الدهر فعملوا حتى بعث سيدنا رسول الله فدعاهم إلى العمل بما جاء به فأبوا وعصوا فجاء الله تعالى بالمسلمين فعملوا بما جاء به واستكملوا إلى قيام الساعة فلهم أجر من عمل الدهر كله بعبادة الله تعالى كإتمام النهار الذي استؤجر عليه كله أول طبقة وفي حديث ابن عمر قدر لهم مدة أعمال اليهود ولهم أجرهم إلى أن نسخ الله تعالى شريعتهم بعيسى E وقال عند مبعث عيسى عليه السلام من يعمل إلى مدة هذا الشرع وله أجر قيراط فعملت النصارى إلى أن نسخ الله تعالى ذلك بمحمد ثم قال متفضلا على المسلمين من يعمل بقية النهار إلى الليل وله قيراطان فقال المسلمون نحن نعمل إلى انقطاع الدهر فمن عمل من اليهود إلى أن آمن بعيسى عليه السلام وعمل بشريعته له أجره مرتين وكذلك النصارى إذا آمنوا بمحمد كما جاء في الحديث و رجل آمن بنبيه وآمن بي يؤتى أجره مرتين فإن قلت حديث أبي موسى دل على أن الفريقين لم يأخذا شيئا وحديث ابن عمر دل على أن كلا منهما أخذ قيراطا قلت ذلك فيمن ماتوا منهم قبل النسخ وهذا فيمن حرف أو كفر بالنبي الذي بعث بعد نبيه وقال ابن رشد ما محصله إن حديث ابن عمر ذكر مثالا لأهل الأعذار لقوله فعجزوا فأشار إلى أن من عجز عن استيفاء العمل من غير أن يكون له صنيع في ذلك الأجر يحصل له تاما فضلا من الله تعالى وذكر حديث أبي موسى مثالا لمن أخر من غير عذر وإلى ذلك إشارة بقوله عنهم لا حاجة لنا إلى أجرك فأشار بذلك إلى أن من أخر عامدا لا يحصل له ما حصل لأهل الأعذار وقال الخطابي دل حديث ابن عمر ان مبلغ أجرة اليهود لعمل النهار كله قيراطان وأجرة النصارى للنصف الباقي من النهار إلى الليل قيراطان ولو تمموا العمل إلى آخر النهار لاستحقوا تمام الأجرة وهو قيراط ثم إن المسلمين لما استوفوا أجرة الفريقين معا حاسدوهم وقالوا الخ يعني قولهم إي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين الخ ولو لم تكن صورة الأمر على هذا لم يصح هذا الكلام وفي طريق أبي موسى زيادة بيان له وقولهم لا حاجة لنا إشارة إلى أن تحريفهم الكتب وتبديلهم الشرائع وانقطاع الطريق بهم عن بلوغ الغاية فحرموا تمام الأجرة لجنايتهم على أنفسهم حين امتنعوا من تمام العمل الذي ضمنوه .
18 - .
( باب وقت المغرب ) .
أي هذا باب في بيان وقت صلاة المغرب .
ووجه المناسبة بين هذا الباب والباب الذي قبله ظاهر لا يخفى .
وقال عطاء يجمع المريض بين المغرب والعشاء .
عطاء هو ابن أبي رباح وهذا التعليق وصله عبد الرزاق في ( مصنفه ) عن ابن جريج عنه وبقوله قال أحمد وإسحاق وبعض الشافعية وهذا بناء على أن وقت المغرب والعشاء واحد عنده وقال عياض الجمع بين الصلوات المشتركة في الأوقات تكون تارة سنة وتارة رخصة فالسنة الجمع بعرفة والمزدلفة وأما الرخصة فالجمع في السفر والمرض والمطر فمن تمسك بحديث صلاة النبي مع جبريل E وقد أمه لم ير الجمع في ذلك ومن خصه أثبت جواز الجمع في السفر بالأحاديث الواردة فيه وقاس المرض عليه فنقول إذا أبيح للمسافر الجمع بمشقة السفر فأحرى أن يباح للمريض وقد قرن الله تعالى المريض بالمسافر في الترخيص له في الفطر والتيمم وأما الجمع في المطر فالمشهور من مذهب مالك إثباته في المغرب والعشاء وعنه قولة شاذة إنه لا يجمع إلا في مسجد رسول الله ومذهب المخالف جواز الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في المطر .
فإن قلت ما وجه مطابقة هذا الأثر للترجمة قلت من حيث إن وقت المغرب يمتد إلى العشاء والترجمة في بيان وقت المغرب