يؤذن فقال مه يا بلال كما ذكرناه ومعناه اسكت لا تشرع في الأذان والأقرب في هذا أن يحمل اللفظان على حالتين فلا يحتاج إلى ذكر الجمع بينهما .
536 - حدثنا ( علي بن عبد الله ) قال حدثنا ( سفيان ) قال ( حفظناه من الزهري ) عن ( سعيد بن المسيب ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم ( انظر الحديث 533 ) واشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير ) .
مطابقته للترجمة ظاهرة .
( ذكر رجاله ) وهم خمسة ذكروا غير مرة وسفيان هو ابن عيينة والزهري محمد بن مسلم بن شهاب .
( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه القول والحفظ وفي رواية الإسماعيلي حدثنا الزهري ورواية البخاري أبلغ لأن حفظ الحديث عن شيخ فوق مجرد سماعه منه وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع .
( ذكر من أخرجه غيره ) أخرجه النسائي في الصلاة أيضا عن قتيبة وعن محمد بن عبد الله كلاهما عن علي بن المديني .
( ذكر معناه وإعرابه ) قوله اشتكت النار قيل أنه موقوف وقيل أنه معلق وهو غير صحيح بل هو داخل في الإسناد المذكور والدليل عليه أن في رواية الإسماعيلي قال واشتكت النار أي قال النبي اشتكت النار وشكوى النار إلى ربها يحتمل وجهين أحدهما أن يكون بطريق الحقيقة وإليه ذهب عياض وقال القرطبي لا إحالة في حمل اللفظ على الحقيقة لأن المخبر الصادق بأمر جائز لا يحتاج إلى تأويله فحمله على حقيقته أولى وقال النووي نحو ذلك ثم قال حمله على حقيقته هو الصواب وقال نحو ذلك الشيخ التوربشتي ( قلت ) قدرة الله تعالى أعظم من ذلك لأنه يخلق فيها آلة الكلام كما خلق لهدهد سليمان ما خلق من العلم والإدراك كما أخبر الله تعالى عن ذلك في كتابه الكريم وحكى عن النار حيث تقول هل من مزيد وورد أن الجنة إذا سألها عبد أمنت على دعائه وكذا النار وقال ابن المنير حمله على الحقيقة هو المختار لصلاحية القدرة لذلك ولأن استعارة الكلام للحال وإن عهدت وسمعت لكن الشكوى وتفسيرها والتعليل له والإذن والقبول والتنفس وقصره على اثنين فقط بعيد من المجاز خارج عما ألف من استعماله وقال الداودي وهو يدل على أن النار تفهم وتعقل وقد جاء أنه ليس شيء أسمع من الجنة والنار وقد ورد أن النار تخاطب سيدنا محمدا رسول الله وتخاطب المؤمن بقولها جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي والوجه الثاني أن يكون بلسان الحال كما قال عنترة .
وشكى إلي بعبرة وتحمحم .
وقال الآخر .
يشكو إلي جملي طول السرى .
مهلا رويدا فكلانا مبتلى .
ورجع البيضاوي حمله على المجاز فقال شكوها مجاز عن غليانها وأكلها بعضها بعضا مجاز عن ازدحام أجزائها وتنفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها قوله بنفسين تثنية نفس بفتح الفاء وهو ما يخرج من الجوف ويدخل فيه من الهواء قوله نفس في الموضعين بالجر على البدل أو البيان ويجوز فيهما الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف والتقدير أحدهما نفس في الشتاء والآخر نفس في الصيف ويجوز فيهما النصب على تقدير أعني نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف قوله أشد ما تجدون بجر أشد على أنه بدل من نفس أو بيان ويروى بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو أشد ما تجدون وقال البيضاوي هو خبر مبتدأ محذوف تقديره فذلك أشد وقال الطيبي جعل أشد مبتدأ محذوف الخبر أولى والتقدير أشد ما تجدون من الحر من ذلك النفس انتهى ويؤيد الوجه الأول رواية الإسماعيلي من هذا الوجه بلفظ فهو أشد ويؤيد الوجه الثاني رواية النسائي من وجه آخر بلفظ فأشد ما تجدون من الحر من حر جهنم وفي اللفظ الذي رواه البخاري لف ونشر على غير الترتيب ولا مانع من حصول الزمهرير من نفس النار لأن المراد من النار محلها وهو جهنم وفيها طبقة زمهريرية ويقال لا منافاة في الجمع بين الحر والبرد في النار لأن النار عبارة عن جهنم وقد ورد أن في بعض زواياها نارا وفي الأخرى الزمهرير وليس محلا واحدا يستحيل أن يجتمعا فيه ( قلت ) الذي خلق الملك من ثلج ونار قادر على جمع الضدين في محل واحد وأيضا فالنار من أمور الآخرة وأمور الآخرة لا تقاس على أمور الدنيا وفي التوضيح