أن يكون اللفظ على معناه الحقيقي ويكون المعنى أنه لما سمع صوتهما خرج من البيت لأجلهما ومر بهما والأحاديث يفسر بعضها بعضا ولا سيما في حديث واحد روي بوجوه مختلفة وفي رواية الطبراني من حديث زمعة بن صالح عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن النبي مر به وهو ملازم رجل في أوقيتين فقال له النبي هكذا يضع الشطر وقال الرجل نعم يا رسول الله فقال أد إليه ما بقي من حقه .
قوله سجف حجرته بكسر السين المهملة وفتحها بعدها جيم ساكنة وقال ابن سيده هو الستر وقيل هو الستران المقرونان بينهما فرجة وكل باب ستر بسترين مقرونين فكل شق منه سجف والجمع أسجاف وسجوف وربما قالوا السجاف والسجف والسجيف إرخاء السجف زاد في ( المخصص ) و ( الجامع ) وبيت مسجف وفي ( الصحاح ) أسجف الستر أي أرسلته وقال عياض وغيره لا يسمى سجفا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين قلت الذي قاله ابن سيده يرده قوله لبيك تثنية للبا وهو الإقامة وهو مفعول مطلق يجب حذف عامله وهو من باب الثنائي الذي للتأكيد والتكرار ومعناه لبا بعد لب أي أنا مقيم على طاعتك قوله ضع على وزن فع أمر من وضع يضع قوله أي الشطر تفسير لقوله هذا أي ضع عنه الشطر أي النصف وجاء لفظ النصف مصرحا في رواية الأعرج على ما يجيء إن شاء الله تعالى وهو منصوب لأنه تفسير للمنصوب وهو قوله هذا لأنه منصوب بقوله ضع قوله لقد فعلت مبالغة في امتثال الأمر لأنه أكد فعلت باللام وكلمة قد وفيه معنى القسم أيضا قوله قم خطاب لابن أبي حدرد قوله فاقضه أمر على جهة الوجوب لأن رب الدين لما أطاع بوضع ما أمر به تعين على المديان أن يقوم بما بقي عليه لئلا يجتمع على رب الدين وضيعة ومطل .
ذكر ما يستنبط منه من الأحكام فيه إشارة إلى أنه لا يجتمع الوضيعة والمطل لأن صاحب الدين يتضرر كما ذكرنا وفيه المخاصمة في المسجد في الحقوق والمطالبة بالديون قاله ابن بطال وفيه دليل على إباحة رفع الصوت في المسجد ما لم يتفاحش لعدم الإنكار منه E وقد أفرد له البخاري بابا يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى فإن قلت قد ورد في حديث واثلة من عند ابن ماجه يرفعه جنبوا مساجدكم صبيانكم وخصوماتكم وحديث مكحول من عند أبي نعيم الأصبهاني عن معاذ مثله وحديث جبير بن مطعم ولفظه ولا ترفع فيه الأصوات وكذا حديث ابن عمر من عند أبي أحمد قلت أجيب بأن هذه الأحاديث ضعيفة فبقي الأمر على الإباحة من غير معارض ولكن هذا الجواب لا يعجبني لأن الأحاديث الضعيفة تتعاضد وتتقوى إذا اختلفت طرقها ومخارجها والأولى أن يقال أحاديث المنع محمولة على ما إذا كان الصوت متفاحشا وحديث الإباحة محمول على ما إذا كان غير متفاحش وقال مالك لا بأس أن يقضي الرجل في المسجد دينا وأما التجارة والصرف فلا أحبه وفيه جواز الاعتماد على الإشارة لقوله هكذا أي الشطر وأنها بمنزلة الكلام إذا فهمت لدلالتها عليه فيصح على هذا يمين الأخرس وشهادته ولعانه وعقوده إذا فهم عنه ذلك وفيه إشارة الحاكم إلى الصلح على جهة الإرشاد وههنا وقع الصلح على الإقرار المتفق عليه لأن نزاعهما لم يكن في الدين وإنما كان في التقاضي وأما الصلح على الإنكار فأجازه أبو حنيفة ومالك وهو قول الحسن وقال الشافعي هو باطل وبه قال ابن أبي ليلى وفيه الملازمة للاقتضاء وفيه الشفاعة إلى صاحب الحق والإصلاح بين الخصوم وحسن التوسط بينهم وفيه قبول الشفاعة في غير معصية وفيه إرسال الستور عند الحجرة .
27 - .
( باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان منه ) .
أي هذا باب في بيان فضل كنس المسجد وهو إزالة الكناسة منه والالتقاط هو أن تعثر على شيء من غير قصد وطلب و الخرق بكسر الخاء وفتح الراء جمع خرقة و القذى بفتح القاف والذال المعجمة جمع قذاة وجمع الجمع أقذية قال الجوهري القذى في العين والشراب ما يسقط فيه قلت المراد منه ههنا كسر الأخشاب والقش ونحو ذلك و العيدان جمع عود وهو الخشب قوله منه ليس في أكثر النسخ ولكن بقدر فيه وهو يتعلق بالالتقاط