مفهوم اللفظ ومنطوقه فهذا الموضع ليس محله وفي رواية للبخاري في باب الشراء والبيع مع النساء وإن اشترط مائة شرط وشرط الله أحق وأوثق وكذا في رواية ابن ماجه أيضا قوله ورواه مالك معلق وصله في باب المكاتب عن عبد الله بن يوسف عنه ورواه النسائي في الفرائض عن الحارث بن مسكين عن ابن القاسم عن مالك كما ذكره مرسلا ورواه الشافعي عن مالك ولفظه واشرطي لهم الولاء بغير تاء قال الطحاوي معناه أظهري لأن الإشراط الإظهار وقال القرطبي وهي رواية تفرد الشافعي عن مالك بها قوله قال علي يعني ابن عبد الله المديني المذكور في أول الباب قوله قال يحيى هو ابن سعيد القطان و عبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي يريد بذلك أن الحديث من طريق هذين الرجلين مرسل يوضحه قول الإسماعيلي ليس فيما عندنا من حديث يحيى بن سعيد وعبد الوهاب عن يحيى ذلك المنبر وصعوده وحديثهما مرسل حدثنا أبو القاسم حدثنا بندار حدثنا يحيى بن سعيد قال وأنبأنا القاسم أنبأنا بندار حدثنا عبد الوهاب قال قال سمعنا يحيى يقول أخبرتني عمرة به قوله عن عمرة نحوه يعني نحو رواية مالك قوله وقال جعفر بن عون الخ أفاد به تصريح يحيى بسماعه له عن عمرة وكذا سماع عمرة عن عائشة وخرجه النسائي عن أحمد بن سليمان وموسى بن عبد الرحمن ومحمد بن إسماعيل بن جعفر عن عون عن يحيى بن سعيد فذكره فأمن بذلك ما فيه من الإرسال المذكور وأعلم أن التعليق عن مالك متأخر في رواية كريمة عن طريق جعفر بن عون .
ذكر ما يستنبط منه من الأحكام الأول فيه دليل على جواز الكتابة فإذا كاتب رجل عبده أو أمته على مال شرط عليه وقبل العبد ذلك صار مكاتبا والدليل عليه أيضا قوله تعالى فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ( النور 33 ) ودلالة هذا على مشروعية العقد لا تخفى على العارف بلسان العرب سواء كان الأمر للوجوب أو لغيره وهذا ليس بأمر إيجاب بإجماع بين الفقهاء سوء ما ذهب إليه داود الظاهري ومن تبعه وروي نحوه عن عمرو بن دينار وعطاء وأحمد في رواية وروى صاحب ( التقريب ) عن الشافعي نحوه فإن قلت ظاهر الأمر للوجوب كما ذهب إليه هؤلاء قلت هذا في الأمر المطلق المجرد عن القرائن وهنا مقيد بقوله إن علمتم فيهم خيرا ( النور 33 ) فيكون أمر ندب وذهب بعض أصحابنا إلى أنه أمر إباحة وهو غير صحيح لأن في الحمل على الإباحة إلغاء الشرط إذ هو مباح بدونه بالاتفاق وكلام الله منزه عن ذلك والمراد بالخير المذكور أن لا يضر المسلمين بعدالعتق فإن كان يضرهم فالأفضل أن لا يكاتبه وإن كان يصح وعن ابن عباس وابن عمر وعطاء الخير الكسب خاصة وروي عن الثوري والحسن البصري أنه الأمانة والدين خاصة وقيل هو الوفاء والأمانة والصلاح وإذا فقد الأمانة والكسب والصلاح لا يكره عندنا وبه قال مالك والشافعي وقال أحمد وإسحاق وأبو الحسين بن القطان من الشافعية يكره ولا يعتق المكاتب إلا بأداء الكل عند جمهور الفقهاء لما روى أبو داود وغيره من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي أنه قال المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم وروى الشافعي في ( مسنده ) أخبرنا ابن أبي عيينة عن ابن نجيح عن مجاهد أن زيد ابن ثابت قال في المكاتب هو عبد ما بقي عليه درهم واختاره لمذهبه وهو مذهب أصحابنا وفيه اختلاف الصحابة فمذهب ابن عباس أنه يعتق كما أخذ الصحيفة من مولاه يعني يعتق بنفس العقد وهو غريم المولى بما عليه من بدل الكتابة ومذهب ابن مسعود أنه يعتق إذا أدى قيمة نفسه ومذهب زيد ما ذكرناه وإنما اختاره الأربعة لأنه مؤيد بالحديث المذكور .
الثاني من الأحكام جواز تزويج الأمة المزوجة لأن بريرة كانت مزوجة وقد ذكرنا اسمه والاختلاف فيه فإن قلت كان زوجها حرا أو عبدا قلت في رواية البخاري عن ابن عباس قال رأيته عبدا يعني زوج بريرة كأني أنظر إليه يتبعها في سكك المدينة يبكي عليها ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي لعمه العباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا فقال النبي لو راجعتيه قالت يا رسول الله تأمرني قال إنما أنا أشفع قالت فلا حاجة لي فيه فإن قلت ذكر في الفرائض قال الحكم كان زوجها حرا قلت قال وقول الحكم مرسل وذكر في باب ميراث السائبة قال الأسود وكان زوجها حرا قال وقول الأسود منقطع وقول ابن عباس أصح وفي مسلم أيضا قال عبد الرحمن وكان زوجها عبدا .
الثالث في ثبوت الولاء للمعتق عن نفس فهذا لا خلاف فيه للحديث المذكور