أذاه كما يرفع الدفن أذى النخامة فيه عوقب بحرمان الاستغفار من الملائكة لما آذاهم به من الرائحة الخبيثة وقال ابن بطال من أراد أن تحط عنه ذنوبه من غير تعب فليغتنم ملازمة مصلاه بعد الصلاة ليستكثر من دعاء الملائكة واستغفارهم له فهو مرجو إجابته لقوله تعالى ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ( الأنبياء 82 ) وفيه بيان فضيلة من انتظر الصلاة مطلقا سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد أو تحول إلى غيره وفيه أن الحدث في المسجد يبطل ذلك ولو استمر جالسا وفيه أن الحدث في المسجد أشد من النخامة وقال المازري أشار البخاري إلى الرد على من منع المحدث أن يدخل المسجد أو يجلس فيه قلت قد اختلف السلف في جلوس المحدث في المسجد فروي عن أبي الدرداء أنه خرج من المسجد فبال ثم دخل فتحدث مع أصحابه ولم يمس ماء وعن علي رضي الله تعالى عنه مثله وروي ذلك عن عطاء والنخعي وابن جبير وكره ابن المسيب والحسن البصري أن يتعمد الجلوس في المجلس على غير وضوء .
26 - .
( باب بنيان المسجد ) .
أي هذا باب في بيان صفة بنيان المسجد النبوي والبنيان البناء يقال بنى يبني بنيا وبنية وبناء قال الجوهري البنيان الحائط يقال بنى فلان بيتا من البنيان وبنى على أهله بناء أي زفها والعامة تقول بنى بأهله وهو خطأ .
وقال أبو سعيد كان سقف المسجد من جريد النخل .
13 .
- 50 مطابقة هذا التعليق للترجمة ظاهرة وقد رواه مسندا في باب هل يصلي الإمام بمن حضر حدثنا مسلم قال حدثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة قال سألت أبا سعيد الخدري فقال جاءت سحابة فمطرت حتى سال السقف وكان من جريد النخل فأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثر الطين في جبهته قوله كان سقف المسجد أي سقف مسجد رسول الله فالألف واللام فيه للعهد وقول الكرماني وأما لجنس المساجد فبعيد قوله من جريد النخل الجريد هو الذي يجرد عنه الخوص وإن لم يجرد يسمى سعفا .
وأمر عمر ببناء المسجد وقال أكن الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس .
50 .
- مطابقته للترجمة ظاهرة جدا والمراد من المسجد مسجد رسول الله ويأتي في هذا الباب أنه روي من حديث نافع أن عبد الله أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله مبينا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ورواه أبو داود أيضا قوله باللبن بفتح اللام وكسر الباء الموحدة ويقال اللبنة بكسر اللام وسكون الباء الموحدة وهي الطوب النيء قوله وعمده بضم العين والميم وبفتحهما جمع الكثرة لعمود البيت وجمع القلة أعمدة قوله أكن فيه أوجه الأول أكن بفتح الهمزة وكسر الكاف وفتح النون على صورة الأمر من الإكنان وهي رواية الأصيلي وهي الأظهر ويدل عليه قوله قبله أمر عمر وقوله بعده وإياك وذلك لأنه أولا أمر بالبناء وخاطب أحدا بذلك ثم حذره من التحمير والتصفير بقوله وإياك أن تحمر أو تصفر والإكنان من أكننت الشيء أي صنته وسترته وحكى أبو زيد والكسائي كننته من الثلاثي بمعنى أكننته وقال ثعلب في ( الفصيح ) أكننت الشيء أي أخفيته وكننته إذا سترته بشيء ويقال أكننت الشيء سترته وصنته من الشمس وأكننته في نفسي أسررته وفي ( كتاب فعل وافعل ) لأبي عبيدة معمر بن المثنى قالت تميم كننت الجارية أكنها كنا بكسرا لكاف وأكننت العلم والسر وقالت قيس كننت العلم والسر بغير ألف وأكننت الجارية بالألف وقال ابن الأعرابي في ( نوادره ) أكنننت السر وكننت وجهي من الحر وكننت سيفي قال وقد يكون هذا بالألف أيضا الوجه الثاني أكن الناس بضم الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون المضمومة بلفظ المتكلم من الفعل المضارع وقال ابن التين هكذا رويناه وفي هذا الوجه التفات وهو أن عمر أخبر عن نفسه ثم التفت إلى الصانع فقال وإياك ويجوز أن يكون تجريدا فكأن عمر بعد أن أخبر عن نفسه جرد عنها شخصا ثم خاطبه بذلك الوجه