خروق وهدوم فأما الخرب فإنها تعمر ولا تسوى وقال عياض هذا التكلف لا حاجة إليه فإن الذي ثبت في الرواية صحيح المعنى كما أمر يقطع النخل لتسوية الأرض أمر بالخرب فرفعت رسومها وسويت مواضعها لتصير جميع الأرض مبسوطة مستوية للمصلين وكذلك فعل بالقبور وفي ( مصنف ) ابن أبي شيبة بسند صحيح وأمر بالحرث فحرث وهو الذي زعم ابن الأثير أنه روي بالحاء المهملة والثاء المثلثة يريد الموضع المحروث للزراعة قلت كذا هو في رواية الكشميهني ولكن قيل إنه وهم قوله وبالنخل أي أمر بالنخل فقطع قوله فصفوا النخل من صففت الشيء صفا وفي ( مغازي ابن بكير ) عن ابن إسحاق جعلت قبلة المسجد من اللبن ويقال بل من حجارة منضودة بعضها على بعض وسيأتي في ( الصحيح ) أن المسجد كان على عهده مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل ولم يزد فيه أبو بكر شيئا ولعل المراد بالقبلة جهتها لا القبلة المعهودة اليوم فإن ذلك لم يكن ذلك الوقت وورد أيضا أنه كان في موضع المسجد الغرقد فأمر أن يقطع وكان في المربد قبور جاهلية فأمر بها رسول الله فنبشت وأمر بالعظام أن تغيب وكان في المربد ماء مستنجل فستره حتى ذهب قوله نز قليل الجري من النجل وهو الماء القليل وجعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع وفي هذين الجانبين مثل ذلك فهو مربع ويقال كان أقل من المائة وجعلوا الأساس قريبا من ثلاثة أذرع على الأرض بالحجارة ثم بنوه باللبن وجعل النبي ينقل معهم اللبن والحجارة بنفسه ويقول .
( هذا الجمال لا جمال خيبر .
هذا أبر ربنا وأطهر ) .
وجعل قبلته إلى القدس وجعل له ثلاثة أبواب بابا في مؤخره وبابا يقال له باب الرحمة وهو الباب الذي يدعى باب العاتكة والثالث الذي يدخل منه E وهو الباب الذي يلي آل عثمان وجعل طول الجدار قامة وبسطة وعمده الجذوع وسقفه جريدا فقيل له ألا تسقفه فقال عريش كعريش موسى خشيبات وتمام الأمر أعجل من ذلك وسيأتي في الكتاب عن قريب عن ابن عمر أن المسجد كان على عهد رسول الله مبنيا باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل ولم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه على بنائه في عهد النبي باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بحجارة منقوشة والقصة وجعل عمده حجارة منقوشة وسقفه بالساج وفي ( الإكليل ) ثم بناه الوليد بن عبد الملك في إمرة عمر بن عبد العزيز وفي ( الروض ) ثم بناه المهدي ثم زاد فيه المأمون ثم لم يبلغنا تغيره إلى الآن قوله عضادتيه تثنية عضادة بكسر العين قال ابن التياني في ( الموعب ) قال أبو عمر وهي جانب الحوض وعن صاحب ( العين ) أعضاد كل شيء ما يشده من حواليه من البناء وغيره مثال عضاد الحوض وهي صفائح من حجارة ينصبن على شفيره وعضادتا الباب ما كان عليهما يطبق الباب إذا أصفق وفي ( التهذيب ) للأزهري عضادتا الباب الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل منه وشماله وزاد القزاز فوقهما العارضة قوله يرتجزون أي يتعاطون الرجز من الرجز وهو ضرب من الشعر وقد رجز الراجز وأرجزه وقد اختلف العروضيون وأهل الأدب في الرجز هل هو شعر أم لا مع اتفاق أكثرهم على أن الرجز لا يكون شعرا وعليه يحمل ما جاء من النبي من ذلك لأن الشعر حرام عليه بنص القرآن العظيم وقال القرطبى الصحيح في الرجز أنه من الشعر وإنما أخرجه من الشعر من أشكل عليه إنشاد النبي إياه فقال لو كان شعرا لما علمه قال وهذا ليس بشيء لأن من أنشد القليل من الشعر أو قاله أو تمثل به على وجه الندور لم يستحق اسم شاعر ولا يقال فيه إنه يعلم الشعر ولا ينسب إليه وقال ابن التين لا يطلق على الرجز شعرا إنما هو كلام مرجز مسجع بدليل أنه يقال لصانعه راجز ولا يقال شاعر ويقال أنشد رجزا ولا يقال أنشد شعرا وقيل أن ما قاله الشاعر ليس برجز ولا موزون وقد اختلف هل يحل له الشعر فعلى القول بنفي الجواز هل يحكى بيتا واحدا فقيل لا يتمه إلا متغيرا وأبعد من قال البيت الواحد ليس بشعر ولما ذكر قول طرفه .
( ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ) .
قال قال .
( ويأتيك من لم تزود بالأخبار ) .
فقال أبو بكر يا رسول الله لم يقل هكذا وإنما قال .
( ويأتيك بالأخبار من لم تزود ) .
فقال كلاهما سواء فقال أشهد أنك لست بشاعر ولا تحسنه ولما أنشد على ما ذكرنا خرج أن يكون شعرا وقد قيل قوله تعالى وما علمناه الشعر ( يس 96 ) أي صنعته وهي الآلة التي له فأما أن يحفظ ما قال الناس فليس بممتنع عليه قوله