إذا قالت حذام فصدقوها .
فإن القول ما قالت حذام .
وهذا الذي ذكرنا أحسن من الذي يقال إن ذكر كلمة هل ههنا ليس له محل لأن عادته إنما يذكر هل إذا كان حكم الباب فيه خلاف وليس ههنا خلاف ولم أر شارحا هنا شفى العليل ولا أروى الغليل وقد فسر بعضهم باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية بقوله أي دون غيرها من قبور الأنبياء وأتباعهم قلت هذا تفسير عجيب مستفاد من سوء التصرف لأن معناه ظاهر وهو جواز نبش قبور المشركين لأنه لا حرمة لهم فيستفاد منه عدم جواز نبش قبور غيرهم سواء كانت قبور الأنبياء أو قبور غيرهم من المسلمين لما فيه من الإهانة لهم فلا يجوز ذلك لأن حرمة المسلم لا تزول حيا وميتا فإن كان هذا القائل اعتمد في هذا التفسير على حديث عائشة المذكور في الباب فليس فيه ذكر النبش وهو ظاهر وانما فيه أنهم إذا مات فيهم رجل صالح يبنون على قبره مسجدا ويصورون فيه تصاوير ولا يلزم من ذلك النبش لأن بناء المسجد على القبر من غير نبش متصور قوله ويتخذ مكانها مساجد عطف على قوله تنبش و مكانها منصوب على الظرفية و مساجد مرفوع لأنه مفعول ناب عن الفاعل وهذا الوجه إذا جعل الإتخاذ متعديا إلى مفعول واحد وأما إذا جعل متعديا إلى مفعولين على ما هو الأصل لأنه من أفعال التصيير كما في قوله تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا ( النساء 521 ) فيكون أحد المفعولين مكانها فحينئذ يرفع على أنه مفعول به قام مقام الفاعل بخلاف الوجه الأول فإنه فيه منصوب على الظرفية كما ذكرنا والمفعول الثاني هو مساجد بالنصب فإنهم فإن الكرماني ذكر فيه ما لا يخلو عن نظر وتأمل لقول النبي لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد هذا تعليل قوله ويتخذ مكانها مساجد خاصة لأن الترجمة شيئان والتعليل للشق الثاني وجه الاستدلال به أن اليهود لما خصوا باللعنة باتخاذهم قبور الأنبياء مساجد علم جواز اتخاذ قبور غيرهم ومن هم في حكمهم من المسلمين فإن قلت أليس في اتخاذ قبور المشركين مساجد تعظيم لهم قلت لا يستلزم ذلك لأنه إذا نبشت قبورهم ورميت عظامهم تصير الأرض طاهرة منهم والأرض كلها مسجد لقوله E جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وهذا الحديث أخرجه البخاري في آخر كتاب الجنائز في باب ما جاء في قبر النبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن هلال عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله في مرضه الذي لم يقم منه لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد الحديث وأخرجه أيضا في مواضع أخر في الجنائز وفي المغازي أيضا عن الصلت بن محمد وأخرجه مسلم في الصلاة عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وما يكره من الصلاة في القبور هذا عطف على قوله هل تنبش لا يقال إن هذه جملة خبرية وقوله هل تنبش طلبية فكيف يصح عطفها عليها لأنا نقول قد ذكرنا أن هل استفهام تقريري وهو في حكم الجملة الخبرية الثبوتية مثلها وقوله هذا يتناول ما إذا صلى على القبر أو إليه أو بينهما وفيه حديث أبي مرثد واسمه كناز بن الحصين وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي بلفظ لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ورأى عمر أنس بن مالك يصلي عند قبر فقال القبر القبر ولم يأمره بالإعادة هذا التعليق رواه وكيع بن الجراح في مصنفه فيما حكاه ابن حزم عن سفيان بن سعيد عن حميد عن أنس قال رآني عمر رضي الله تعالى عنه أصلي إلى قبر فنهاني فقال القبر أمامك قال وعن معمر عن ثابت عن أنس قال رآني عمر أصلي عند قبر فقال لي القبر لا تصلي إليه قال ثابت فكان أنس يأخذ بيدي إذا أراد أن يصلي فيتنحى عن القبور ورواه أبو نعيم شيخ البخاري عن حريث بن السائب قال سمعت الحسن يقول بينا أنس رضي الله تعالى عنه يصلي إلى قبر فناداه عمر القبر القبر وظن أنه يعني القمر فلما رأى أنه يعني القبر تقدم وصلى وجاز القبر قوله القبر القبر منصوب على التحذير يجب حذف عامله وهو إتق أو اجتنب وفي بعض الرواية بهمزة الاستفهام أي أتصلي عند القبر قوله ولم يأمره بالإعادة