في بيت مليكة كانت للفرض ألا ترى أن في رواية مسلم قوموا فلأصلي لكم في غير وقت صلاة فصلى بنا فإن قلت قد جاء في رواية أخرى لمسلم فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا قلت الجواب ما ذكرناه الآن ومع هذا كره أصحابنا وجماعة آخرون التنفل بالجماعة في غير رمضان وقال ابن حبيب عن مالك لا بأس أن يفعله الناس اليوم في الخاصة من غير أن يكون مشتهرا مخافة أن يظنها الجهال من الفرائض .
وفيه أن الأفضل أن تكون النوافل في البيت لأن المساجد تبنى لأداء الفرائض .
وفيه الصلاة في دار الداعي وتبركه بها وقال بعضهم ولعله أراد تعليم أفعال الصلاة مشاهدة مع تبركهم فإن المرأة قلما تشاهد أفعاله في المسجد فأراد أن تشاهدها وتتعلمها وتعلمها غيرها .
وفيه تنظيف مكان المصلى من الأوساخ ومثله التنظيف من الكناسات والزبالات .
وفيه قيام الطفل مع الرجال في صف واحد .
وفيه تأخر النساء عن الرجال .
ويستنبط منه أن إمامة المرأة للرجال لا تصح لأنه إذا كان مقامها متأخرا عن مرتبة الصبي فبالأولى أن لا تتقدمهم وهو قول الجمهور خلافا للطبري وأبي ثور في إجازتهما إمامة النساء مطلقا وحكى عنهما أيضا إجازة ذلك في التراويح إذا لم يوجد قارىء غيرها .
وفيه أن الأفضل في نوافل النهار أن تكون ركعتين وقال بعضهم وفيه الاقتصار في نافلة النهار على ركعتين خلافا لمن اشترط أربعا قلت إن كان مراده أبا حنيفة فليس كذلك لأنه لم يشترط ذلك بل قال الأربع أفضل سواء كان في الليل أو في النهار وفيه صحة صلاة الصبي المميز وقال النووي احتج بقوله من طول ما لبس أصحاب مالك في المسألة المشهورة بالخلاف وهي إذا حلف لا يلبس ثوبا ففرشه فعندهم يحنث وأجاب أصحابنا بأن لبس كل شيء بحسبه فحملنا اللبس في الحديث على الافتراش للقرينة ولأنه المفهوم منه بخلاف من حلف لا يلبس ثوبا فإن أهل العرف لا يفهمون من لبسه الافتراش انتهى قلت ليس معنى اللبس في الحديث الافتراش وإنما معناه التمتع كما قال صاحب ( اللغة ) يقال لبست امرأة أي تمتعت بها زمانا طويلا وليس هو من اللبس الذي من لبست الثياب وقد ذكرناه عن قريب .
وفيه الصلاة على الحصير وسائر ما تنبته الأرض وهو إجماع إلا من شذ بحديث أنه لم يصل عليه وهو لا يصح قلت كذا ذكره صاحب ( التلويح ) وأراد بقوله لا يصح الحديث الذي رواه ابن أبي شيبة من حديث يزيد بن المقادم عن أبيه شريح بن هانىء أنه سأل عائشة رضي الله تعالى عنها أكان النبي يصلي على الحصير وا تعالى يقول وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ( الإسراء 8 ) فقالت لا لم يكن يصلي على الحصير وقالوا هذا غير صحيح لضعف يزيد بن المقدام ولهذا بوب البخاري باب الصلاة على الحصير فإن هذا الحديث لم يثبت عنده أورده لمعارضة ما هو أقوى منه والذي شذ فيه هو عمر بن عبد العزيز فإنه كان يسجد على التراب ولكن يحمل فعله هذا على التواضع .
وفيه أن الأصل في الحصير ونحوه الطهارة ولكن النضح فيه إنما كان لأجل التليين أو لإزالة الوسخ كما ذكرنا وقال القاضي عياض الأظهر أنه كان للشك في نجاسته قلنا هذا على مذهبه في أن النجاسة المشكوك فيها تطهر بنضحها من غير غسل وعندنا الطهارة لا تحصل إلا بالغسل .
وفيه أن الإثنين يكونان صفا وراء الإمام وهو مذهب العلماء كافة إلا ابن مسعود فإنه قال يكون الإمام بينهما وفي ( التوضيح ) وبه قال أبو حنيفة والكوفيون قلت مذهب أبي حنيفة ليس كذلك بل مذهبه أنه إذا أم اثنين يتقدم عليهما وبه قال محمد واحتجا في ذلك بهذا الحديث المذكور في الباب نعم عن أبي يوسف رواية أنه يتوسطهما قال صاحب ( الهداية ) ونقل ذلك عن ابن مسعود قلت هذا موقوف عليه وقد رواه مسلم من ثلاث طرق ولم يرفعه في الأوليين ورفعه إلى النبي في الثالثة وقال هكذا فعل رسول الله وقال أبو عمر هذا الحديث لا يصح رفعه وأما فعله هو فإنما كان لضيق المسجد رواه الطحاوي في ( شرح الآثار ) بسند عن ابن سيرين أنه قال لا أرى ابن مسعود فعل ذلك إلا لضيق المسجد أو لعذر آخر لا على أنه السنة .
وفيه أن المنفرد خلف الصف تصح صلاته بدليل وقوف العجوز في الأخير وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ومالك وقال أحمد وأصحاب الحديث لا يصح لقوله لا صلاة للمنفرد خلف الصف قلنا أريد به نفي الكمال .
وفيه أن السلام ليس بواجب في الخروج من الصلاة لقوله ثم انصرف ولم يذكر سلاما فإن قلت المراد منه الانصراف من البيت الذي فيه قلت ظاهره الانصراف من الصلاة وإن كان يحتمل الانصراف من البيت وبهذا الاحتمال لا تقوم الحجة .
12