الخواص غير الكل فقال لست كأحدكم وإذا سلك طريق غيرهم قال إنما أنا بشر فرد إلى حالة الطبع فنزع الخميصة ليس به من ترك كل شاغل .
وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال النبي كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني .
قال الكرماني هذا عطف على قوله قال ابن شهاب وهو من جملة شيوخ إبراهيم ويحتمل أن يكون تعليقا قلت هذا رواه مسلم في ( صحيحه ) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن هشام ورواه أبو داود عن عبيد الله عن معاذ عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عنه ورواه أبو معمر فقال عمرة عن عائشة قال الإسماعيلي ولعله غلط منه والصحيح عروة ولم يذكر أبو مسعود هذا التعليق وذكره خلف قوله وأنا في الصلاة جملة حالية قوله أن تفتنني بفتح التاء من فتن يفتن من باب ضرب يضرب ويجوز أن تكون بالإدغام وأن تكون بضم التاء من الثلاثي المزيد فيه يقال فتنه وأفتنه وأنكره الأصمعي .
واعلم أن في هذه الرواية لم يقع له شيء من الخوف من الإلهاء لأنه قال فأخاف وهذا مستقبل ويدل عليه أيضا رواية مالك فكاد يفتنني فهذا يدل على أنه لم يقع والرواية الأولى تدل على أنه قد وقع لأنه صرح بقوله فإنها ألهتني والتوفيق بينهما يمكن بأن يقال للنبي حالتان حالة بشرية وحالة تختص بها خارجة عن ذلك فبالنظر إلى الحالة البشرية قال ألهتني وبالنظر إلى الحالة الثانية لم يجزم به بل قال أخاف ولا يلزم من ذلك الوقوع وأيضا فيه تنبيه لأمته ليحترزوا عن مثل ذلك في صلاتهم لأن الصلاة المعتبرة أن يكون فيها خشوع وما يلهي المصلي ينافي الخشوع والخضوع .
51 - .
( باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته وما ينهى من ذلك ) .
باب منون خبر مبتدأ محذوف أي هذا باب يذكر فيه إن صلى شخص حال كونه في ثوب مصلب بضم الميم وفتح اللام المشددة قال بعضهم أي فيه صلبان قلت ليس المعنى كذلك بل معناه إن صلى في ثوب منقوش بصور الصلبان قوله أو تصاوير قال الكرماني أو تصاوير عطف على ثوب لا على مصلب والمصدر بمعنى المفعول أو على مصلب لكن بتقدير أنه في معنى ثوب مصور بالصليب فكأنه قال مصور بالصليب أو بتصاوير غيره وقال بعضهم أو تصاوير أي في ثوب ذي تصاوير كأنه حذف المضاف لدلالة المعنى عليه قلت جعل الكرماني تصاوير مصدرا بمعنى المفعول غير صحيح لأن التصاوير إسم للتماثيل كذا قال أهل اللغة قال الجوهري التصاوير التماثيل وقد جاء التصاوير والتماثيل والتصاليب فكأنها في الأصل جمع تصوير وتمثال وتصليب ولئن سلمنا كون التصاوير مصدرا في الأصل جمع تصوير فلا يصح أن يقال عند كونه عطفا على ثوب أن يقدرا أو إن صلى في ثوب مصورة لعدم التطابق حينئذ بين الصفة والموصوف مع أنه شرط والظاهر أنه عطف على مصلب مع حذف حرف الصلة تقديره إن صلى في ثوب مصور بصلبان أو ثوب مصور بتصاوير التي هي التماثيل .
وقول بعضهم لدلالة المعنى عليه ولم يبين أن المعنى الدال عليه ما هو والقول بحذف حرف الصلة أولى من القول بحذف المضاف لأن ذاك شائع ذائع وفرق بعض العلماء بين الصورة والتمثال فقال الصورة تكون في الحيوان والتمثال تكون فيه وفي غيره ويقال التمثال ما له جرم وشخص والصورة ما كان رقما أو تزويقا في ثوب أو حائط وقال المنذري قيل التماثيل الصور وقيل في قوله تعالى وتماثيل ( سبأ 31 ) إنها صور العقبان والطواويس على كرسي سليمان E وكان مباحا وقيل صور الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام من رخام أو شبه لينشطوا في العبادة بالنظر إليهم وقيل صور الآدميين من نحاس وا تعالى أعلم .
قوله هل تفسد صلاته استفهام على سبيل الاستفسار جرى البخاري في ذلك على عادته في ترك القطع في الشيء الذي فيه اختلاف لأن العلماء اختلفوا في النهي الوارد في الشيء فإن كان لمعنى في نفسه فهو يقتضي الفساد فيه وإن كان لمعنى في غيره فهو يقتضي الكراهة أو الفساد فيه خلاف قوله وما ينهى من ذلك أي والذي ينهى عنه من المذكور وهو الصلاة في ثوب مصور بصلبان أو بتصاوير وفي بعض النسخ لفظة عنه موجودة وفي رواية عن ذلك بكلمة عن موضع من والأول أصح