عمدة القاري شرح صحيح البخاري .
للعلامة بدر الدين العيني .
الجزء الأول .
عمدة القاري شرح صحيح البخاري .
للعلامة بدر الدين العيني .
الجزء الأول .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله الذي أوضح وجوه معالم الدين وأفضح وجوه الشك بكشف النقاب عن وجه اليقين بالعلماء المستنبطين الراسخين والفضلاء المحققين الشامخين الذين نزهوا كلام سيد المرسلين مميزين عن زيف المخلطين المدلسين ورفعوا مناره بنصب العلائم وأسندوا عمده بأقوى الدعائم حتى صار مرفوعا بالبناء العالي المشيد وبالأحكام الموثق المدمج المؤكد مسلسلا بسلسة الحفظ والإسناد غير منقطع ولا واه إلى يوم التناد ولا موقوف على غيره من المباني ولا معضل ما فيه من المعاني .
( والصلاة ) على من بعث بالدين الصحيح الحسن والحق الصريح السنن الخالي عن العلل القادحة والسالم من الطعن في أدلته الراجحة محمد المستأثر بالخصال الحميدة والمجتبى المختص بالخلال السعيدة وعلى آله وصحبه الكرام مؤيدي الدين ومظهري الإسلام وعلى التابعين بالخير والإحسان وعلى علماء الأمة في كل زمان ما تغرد قمرى على الورد والبان وناح عندليب على نور الأقحوان .
( وبعد ) فإن عانى رحمة ربه الغنى أبا محمد محمود بن أحمد العيني عامله ربه ووالديه بلطفه الخفي يقول أن السنة إحدى الحجج القاطعة وأوضح المحجة الساطعة وبها ثبوت أكثر الأحكام وعليها مدار العلماء الأعلام وكيف لا وهي القول والفعل من سيد الأنام في بيان الحلال والحرام الذين عليهما مبني الإسلام فصرف الإعمار في استخراج كنوزها من أهم الأمور وتوجيه الأفكار في استكشاف رموزها من تعمير العمور لها منقبة تجلت عن الحسن والبها ومرتبة جلت بالبهجة والسنا وهي أنوار الهداية ومطالعها ووسائل الدراية وذرائعها وهي من مختارات العلوم عينها ومن متنقدات نقود المعارف فضها وعينها ولولاها لما بان الخطأ عن الصواب ولا تميز الشراب من السراب ولقد تصدت طائفة من السلف الكرام ممن كساهم الله تعالى جلابيب الفهم والأفهام ومكنهم من انتقاد الألفاظ الفصيحة المؤسسة على المعاني الصحيحة وأقدرهم على الحفظ بالحفاظ من المتون والألفاظ إلى جمع سنن من سنن سيد المرسلين هادية إلى طرائق شرائع الدين وتدوين ما تفرق منها في أقطار بلاد المسلمين بتفرق الصحابة والتابعين الحاملين وبذلك حفظت السنن وحفظ لها السنن وسلمت عن زيغ المبتدعين وتحريف الجهلة المدعين فمنهم الحافظ الحفيظ الشهير المميز الناقد البصير الذي شهدت بحفظه العلماء الثقات واعترفت بضبطه المشايخ الأثبات ولم ينكر فضله علماء هذا الشأن ولا تنازع في صحة تنقيده اثنان الإمام الهمام حجة الإسلام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري أسكنه الله تعالى بحابيح جنانه بعفوه الجاري وقد دون في السنة كتابا فاق على أمثاله وتميز على أشكاله ووشحه بجواهر الألفاظ من درر المعاني ورشحه بالتبويبات الغريبة المباني بحيث قد أطبق على قبوله بلا خلاف علماء الأسلاف والأخلاف فلذلك أصبح العلماء الراسخون الذين تلألأ في ظلم الليالي أنوار قرائحهم الوقادة واستنار على صفحات الأيام آثار خواطرهم النقادة قد حكموا بوجوب معرفته وأفرطوا في قريضته ومدحته ثم