لكونه ذكرا لله فلا فرق بينه وبين ما ذكر وأن كان تعبدا فيحتاج إلى دليل خاص ولم يصح عند المصنف شيء من الأحاديث الواردة في ذلك وأن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره لكن أكثرها قابل للتأويل كما سنشير إليه ولهذا تمسك البخاري ومن قال بالجواز غيره كالطبري وبن المنذر وداود بعموم حديث كان يذكر الله على كل أحيانه لأن الذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره وإنما فرق بين الذكر والتلاوه بالعرف والحديث المذكور وصله مسلم من حديث عائشة وأورد المصنف أثر إبراهيم وهو النخعي إشعارا بان منع الحائض من القراءة ليس مجمعا عليه وقد وصله الدارمي وغيره بلفظ أربعة لا يقرؤون القرآن الجنب والحائض وعند الخلاء وفي الحمام إلا الآية ونحوها للجنب والحائض وروى عن مالك نحو قول إبراهيم وروى عنه الجواز مطلقا وروى عنه الجواز للحائض دون الجنب وقد قيل أنه قول الشافعي في القديم ثم أورد أثر بن عباس وقد وصله بن المنذر بلفظ إن بن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب وأما حديث أم عطية فوصله المؤلف في العيدين وقوله فيه ويدعون كذا لأكثر الرواة وللكشميهني يدعين بياء تحتانية بدل الواو ووجه الدلالة منه ما تقدم من أنه لا فرق بين التلاوة وغيرها ثم أورد المصنف طرفا من حديث أبي سفيان في قصة هرقل وهو موصول عنده في بدء الوحي وغيره ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلّم كتب إلى الروم وهم كفار والكافر جنب كأنه يقول إذا جاز مس الكتاب للجنب مع كونه مشتملا على آيتين فكذلك يجوز له قراءته كذا قاله بن رشيد وتوجيه الدلالة منه إنما هي من حيث أنه إنما كتب إليهم ليقرءوه فاستلزم جواز القراءة بالنص لا بالاستنباط وقد أجيب ممن منع ذلك وهم الجمهور بان الكتاب اشتمل على أشياء غير الآيتين فأشبه ما لو ذكر بعض القرآن في كتاب في الفقه أو في التفسير فإنه لا يمنع قراءته ولا مسه عند الجمهور لأنه لا يقصد منه التلاوة ونص أحمد أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ وقال به كثير من الشافعية ومنهم من خص الجواز بالقليل كالآية والآيتين قال الثوري لا بأس أن يعلم الرجل النصراني الحرف من القرآن عسى الله أن يهديه واكره أن يعلمه الآية هو كالجنب وعن أحمد أكره أن يضع القرآن في غير موضعه وعنه أن رجى منه الهداية جاز وإلا فلا وقال بعض من منع لا دلاله في القصة على جواز تلاوة الجنب القرآن لأن الجنب إنما منع التلاوة إذا قصدها وعرف إن الذي يقرأه قرآن أما لو قرأ في ورقة ما لا يعلم أنه من القرآن فإنه لا يمنع وكذلك الكافر وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى تنبيه ذكر صاحب المشارق أنه وقع في رواية القابسي والنسفي وعبدوس هنا ويا أهل الكتاب بزيادة واو قال وسقطت لأبي ذر والأصيلي وهو الصواب قلت فأفهم إن الأولى خطأ لكونها مخالفة للتلاوة وليست خطأ وقد تقدم توجيه إثبات الواو في بدء الوحي قوله وقال عطاء عن جابر هو طرف من حديث موصول عند المصنف في كتاب الأحكام وفي آخره غير أنها لا تطوف بالبيت ولا تصلي وأما أثر الحكم وهو الفقيه الكوفي فوصله البغوي في الجعديات من روايته عن على بن الجعد عن شعبة عنه ووجه الدلالة منه إن الذبح مستلزم لذكر الله بحكم الآية التي ساقها وفي جميع ما استدل به نزاع يطول ذكره ولكن الظاهر من تصرفه ما ذكرناه واستدل الجمهور على المنع بحديث على كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وبن حبان وضعف بعضهم بعض رواته والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة لكن قيل في الاستدلال به نظر لأنه فعل مجرد فلا يدل على تحريم ما عداه