على المجاز كما تقدم وإما بحمله على حالة أخرى وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف نظر العلماء فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل وعن مالك إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم وعند الشافعية في الأفضل قولان قال النووي أصحهما واشهرهما ومختارهما أنه يكمل وضوءه قال لأن أكثر الروايات عن عائشة وميمونة كذلك انتهى كذا قال وليس في شيء من الروايات عنهما التصريح بذلك بل هي إما محتملة كرواية توضأ وضوءه للصلاة أو ظاهرة تأخيرهما كرواية أبي معاوية المتقدمة وشاهدها من طريق أبي سلمة ويوافقها أكثر الروايات عن ميمونة أو صريحة في تأخيرهما كحديث الباب وراويها مقدم في الحفظ والفقه على جميع من رواه عن الأعمش وقول من قال إنما فعل ذلك مرة لبيان الجواز متعقب فإن في رواية أحمد عن أبي معاوية عن الأعمش ما يدل على المواظبة ولفظه كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه فذكر الحديث وفي آخره ثم يتنحى فيغسل رجليه قال القرطبي الحكمة في تأخير غسل الرجلين ليحصل الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء قوله وغسل فرجه فيه تقديم وتأخير لأن غسل الفرج كان قبل الوضوء إذ الواو لا تقتضي الترتيب وقد بين ذلك بن المبارك عن الثوري عند المصنف في باب الستر في الغسل فذكر أولا غسل اليدين ثم غسل الفرج ثم مسح يده بالحائط ثم الوضوء غير رجليه وآتى بثم الدالة على الترتيب في جميع ذلك قوله هذه غسله الإشارة إلى الأفعال المذكورة أو التقدير هذه صفة غسله وللكشميهني هذا غسله وهو ظاهر وأشار الإسماعيلي إلى أن هذه الجملة الأخيرة مدرجة من قول سالم بن أبي الجعد وأن زائدة بن قدامة بين ذلك في روايته عن الأعمش واستدل البخاري بحديث ميمونة هذا على جواز تفريق الوضوء وعلى استحباب الافراغ باليمين على الشمال للمغترف من الماء لقوله في رواية أبي عوانة وحفص وغيرهما ثم أفرغ بيمينه على شماله وعلى مشروعية المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة لقوله فيها ثم تمضمض واستنشق وتمسك به الحنفية للقول بوجوبهما وتعقب بأن الفعل المجرد لا يدل على الوجوب الا إذا كان بيانا لمجمل تعلق به الوجوب وليس الأمر هنا كذلك قاله بن دقيق العيد وعلى استحباب مسح اليد بالتراب من الحائط أو الأرض لقوله في الروايات المذكورة ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط قال بن دقيق العيد وقد يؤخذ منه الاكتفاء بغسله واحدة لإزالة النجاسة والغسل من الجنابة لأن الأصل عدم التكرار وفيه خلاف انتهى وصحح النووي وغيره أنه يجزئ لكن لم يتعين في هذا الحديث أن ذلك كان لإزالة النجاسة بل يحتمل أن يكون للتنظيف فلا يدل على الاكتفاء وأما دلك اليد بالأرض فللمبالغة فيه ليكون انقى كما قال البخاري وأبعد من استدل به على نجاسة المني أو على نجاسة رطوبة الفرج لأن الغسل ليس مقصورا على إزالة النجاسة وقوله في حديث الباب وما أصابه من أذى ليس بظاهر في النجاسة أيضا واستدل به البخاري أيضا على أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة وعلى أن من توضأ بنية الغسل أكمل باقي أعضاء بدنه لايشرع له تجديد الوضوء من غير حدث وعلى جواز نفض اليدين من ماء الغسل وكذا الوضوء وفيه حديث ضعيف أورده الرافعي وغيره ولفظه لا تنفضوا أيديكم في الوضوء فإنها مراوح الشيطان قال بن