عن اعتراض من اعترض على قول البخاري مصدر المقسط فقال أراد بالمصدر ما حذفت زوائده كقول الشاعر وان أهلك فذلك حين قدري أي تقديري فرده إلى أصله وانما تحذف العرب الزوائد لترد الكلمة إلى أصلها واما المصدر المقسط الجاري على فعله فهو الاقساط وقال الكرماني المراد بالمصدر المحذوف الزوائد نظرا إلى أصله فهو مصدر مصدره إذ لا خفاء ان المصدر الجاري على فعله هو الاقساط فان قيل المزيد لا بد أن يكون من جنس المزيد عليه قلت اما ان يكون من القسط بالكسر واما ان يكون من القسط بالفتح الذي هو بمعنى الجور والهمزة للسلب والازالة .
7124 - قوله حدثنا احمد بن أشكاب بكسر الهمزة وسكون المعجمة وآخره موحدة غير منصرف لأنه أعجمي وقيل بل عربي فينصرف وهو لقب واسمه مجمع وقيل معمر وقيل عبيد الله وكنية احمد أبو عبد الله وهو الصفار الحضرمي نزيل مصر قال البخاري آخر ما لقيته بمصر سنة سبع عشرة وأرخ بن حبان وفاته فيها وقال بن يونس مات سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة قلت وليس بينه وبين علي بن أشكاب ولا محمد بن أشكاب قرابة قوله حدثنا محمد بن فضيل أي بن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاي ولم أر هذا الحديث الا من طريقه بهذا الإسناد وقد تقدم في الدعوات وفي الإيمان والنذور وأخرجه احمد ومسلم والترمذي والنسائي وبن ماجة وبن حبان كلهم من طريقه قال الترمذي حسن صحيح غريب قلت وجه الغرابة فيه ما ذكرته من تفرد محمد بن فضيل وشيخه وشيخ شيخه وصحابيه قوله عن عمارة في رواية قتيبة عن بن فضيل حدثنا عمارة وقد تقدمت في الإيمان والنذور قوله كلمتان حبيبتان إلى الرحمن كذا في هذه الرواية بتقديم حبيبتان وتأخير ثقيلتان وقد تقدم في الدعوات وفي الإيمان والنذور بتقديم خفيفتان وتأخير حبيبتان وهي رواية مسلم عن زهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبي كريب ومحمد بن طريف وكذا عند الباقين ممن تقدم ذكره ومن سيأتي عن شيوخهم وفي قوله كلمتان إطلاق كلمة على الكلام وهو مثل كلمة الإخلاص وكلمة الشهادة وقوله كلمتان هو الخبر وحبيبتان وما بعدها صفة والمبتدأ سبحان الله إلى آخره والنكتة في تقديم الخبر تشويق السامع إلى المبتدأ وكلما طال الكلام في وصف الخبر حسن تقديمه لأن كثرة الأوصاف الجميلة تزيد السامع شوقا وقوله حبيبتان أي محبوبتان والمعنى محبوب قائلهما ومحبة الله للعبد تقدم معناها في كتاب الرقاق وقوله ثقيلتان في الميزان هو موضع الترجمة لأنه مطابق لقوله وان أعمال بني آدم توزن قال الكرماني فان قيل فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث ولا سيما إذا كان موصوفه معه فلم عدل عن التذكير إلى التأنيث فالجواب ان ذلك جائز لا واجب وأيضا فهو في المفرد لا المثنى سلمنا لكن أنث لمناسبة الثقيلتين والخفيفتين أو لأنها بمعنى الفاعل لا المفعول والتاء لنقل اللفظة من الوصفية إلى الأسمية وقد يطلق على ما لم يقع لكنه متوقع كمن يقول خذ ذبيحتك للشاة التي لم تذبح فإذا وقع عليها الفعل فهي ذبيح حقيقة وخص لفظ الرحمن بالذكر لأن المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله تعالى على عباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الكثير قوله خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب وفي هذه الألفاظ الثلاثة سجع مستعذب وقد تقدم في الدعوات بيان الجائز منه والمنهي عنه وكذا في الحدود في حديث سجع كسجع الكهان والحاصل ان المنهي عنه ما كان متكلفا أو متضمنا لباطل لا ما جاء عفوا عن غير قصد إليه وقوله خفيفتان فيه إشارة إلى قلة كلامهما وأحرفهما ورشاقتهما قال الطيبي الخفة مستعارة للسهولة وشبه سهولة جريانها على اللسان بما خف على الحامل من