بعض وتكذيب بعض مع مجيئهما مجيئا واحدا انتهى كلامه وفيه فوائد وقال الشيخ بدر الدين الزركشي اغتر بعض المتأخرين بهذا يعني بما قال البخاري فقال ان في تحريف التوراة خلافا هل هو في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط ومال إلى الثاني ورأى جواز مطالعتها وهو قول باطل ولا خلاف أنهم حرفوا وبدلوا والاشتغال بنظرها وكتابتها لا يجوز بالإجماع وقد غضب صلى الله عليه وسلّم حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة وقال لو كان موسى حيا ما وسعه الا اتباعي ولولا أنه معصية ما غضب فيه قلت ان ثبت الإجماع فلا كلام فيه وقد قيده بالاشتغال بكتابتها ونظرها فان أراد من يتشاغل بذلك دون غيره فلا يحصل المطلوب لأنه يفهم أنه لو تشاغل بذلك مع تشاغله بغيره جاز وان أراد مطلق التشاغل فهو محل النظر وفي وصفه القول المذكور بالبطلان مع ما تقدم نظر أيضا فقد نسب لوهب بن منبه وهو من أعلم الناس بالتوراة ونسب أيضا لابن عباس ترجمان القرآن وكان ينبغي له ترك الدفع بالصدر والتشاغل برد أدلة المخالف التي حكيتها وفي استدلاله على عدم الجواز الذي ادعى الإجماع فيه بقصة عمر نظر أيضا سأذكره بعد تخريج الحديث المذكور وقد أخرجه احمد والبزار واللفظ له من حديث جابر قال نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فجعل يقرأ ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتغير فقال له رجل من الأنصار ويحك يا بن الخطاب ألا ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا وانكم اما ان تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل والله لو كان موسى بين أظهركم ما حل له الا ان يتبعني وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف ولأحمد أيضا وأبي يعلى من وجه آخر عن جابر ان عمر أتى بكتاب أصابه من بعض كتب أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلّم فغضب فذكر نحوه دون قول الأنصاري وفيه والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه الا أن يتبعني وفي سنده مجالد بن سعيد وهو لين وأخرجه الطبراني بسند فيه مجهول ومختلف فيه عن أبي الدرداء جاء عمر بجوامع من التوراة فذكر بنحوه وسمى الأنصاري الذي خاطب عمر عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان وفيه لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ضلالا بعيدا وأخرجه احمد والطبراني من حديث عبد الله بن ثابت قال جاء عمر فقال يا رسول الله اني مررت بأخ لي من بني قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحديث وفيه والذي نفس محمد بيده لو أصبح موسى فيكم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم وأخرج أبو يعلى من طريق خالد بن عرفطة قال كنت عند عمر فجاءه رجل من عبد القيس فضربه بعصا معه فقال ما لي يا أمير المؤمنين قال أنت الذي نسخت كتاب دانيال قال مرني بأمرك قال انطلق فامحه فلئن بلغني أنك قرأته أو أقرأته لأنهكنك عقوبة ثم قال انطلقت فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ثم جئت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما هذا قلت كتاب انتسخته لنزداد به علما إلى علمنا فغضب حتى احمرت وجنتاه فذكر قصة فيها يا أيها الناس اني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختصر لي الكلام اختصارا ولقد آتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا وفي سنده عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف وهذه جميع طرق هذا الحديث وهي وان لم يكن فيها ما يحتج به لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلا والذي يظهر ان كراهية ذلك للتنزيه لا للتحريم والأولى في هذه المسألة التفرقة بين من لم يتمكن ويصر من الراسخين في الإيمان فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك بخلاف الراسخ فيجوز له ولا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف ويدل على ذلك نقل الأئمة قديما وحديثا من التوراة وإلزامهم اليهود