وقالت عائشة إذا اعجبك حسن عمل امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ولا يستخفنك أحد قلت زعم مغلطاي ان عبد الله بن المبارك أخرج هذا الأثر في كتاب البر والصلة عن سفيان عن معاوية بن إسحاق عن عروة عن عائشة وقد وهم في ذلك وانما وقع هذا في قصة ذكرها البخاري في كتاب خلق أفعال العباد من رواية عقيل عن بن شهاب عن عروة عن عائشة قالت وذكرت الذي كان من شأن عثمان وددت أني كنت نسيا منسيا فوالله ما أحببت أن ينتهك من عثمان أمر قط الا انتهك مني مثله حتى والله لو أحببت قتله لقتلت يا عبيد الله بن عدي لا يغرنك أحد بعد الذين تعلم فوالله ما احتقرت من أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى نجم النفر الذين طعنوا في عثمان فقالوا قولا لا يحسن مثله وقرءوا قراءة لا يحسن مثلها وصلوا صلاة لا يصلى مثلها فلما تدبرت الصنيع إذا هم والله ما يقاربون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ولا يستخفنك أحد وأخرجه بن أبي حاتم من رواية يونس بن يزيد عن الزهري أخبرني عروة ان عائشة كانت تقول احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين نجم القراء الذين طعنوا على عثمان فذكر نحوه وفيه فوالله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإذا أعجبك حسن عمل امرئ منهم فقل اعملوا الخ والمراد بالقراء المذكورين الذين قاموا على عثمان وانكروا عليه أشياء اعتذر عن فعلها ثم كانوا مع علي ثم خرجوا بعد ذلك على علي وقد تقدمت أخبارهم مفصلة في كتاب الفتن ودل سياق القصة على ان المراد بالعمل ما أشارت إليه من القراءة والصلاة وغيرهما فسمت كل ذلك عملا وقولها في آخره ولا يستخفنك أحد بالخاء المعجمة المكسورة والفاء المفتوحة والنون الثقيلة للتأكيد قال بن التين عن الداودي معناه لا تغتر بمدح أحد وحاسب نفسك والصواب ما قاله غيره أن المعنى لا يغرنك أحد بعمله فتظن به الخير الا ان رأيته واقفا عند حدود الشريعة قوله قال معمر ذلك الكتاب هذا القرآن هدى للمتقين بيان ودلالة كقوله ذلكم حكم الله هذا حكم الله لا ريب فيه لا شك تلك آيات الله يعني هذه أعلام القرآن ومثله حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم يعني بكم معمر هذا هو بن المثنى اللغوي أبو عبيدة وهذا المنقول عنه ذكره في كتاب مجاز القرآن ووهم من قال انه معمر بن راشد شيخ عبد الرزاق وقد اغتر مغلطاي بذلك فزعم ان عبد الرزاق أخرج ذلك في تفسيره عن معمر وليس ذلك في شيء من نسخ تفسير عبد الرزاق ولفظ أبي عبيدة ذلك الكتاب معناه هذا القرآن قال وقد تخاطب العرب الشاهد بمخاطبة الغائب وقد أنكر ثعلب هذه المقالة وقال استعمال أحد اللفظين موضع الآخر يقلب المعنى وانما المراد هذا القرآن هو ذلك الذي كانوا يستفتحون به عليكم وقال الكسائي لما كان القول والرسالة من السماء والكتاب والرسول في الأرض قيل ذلك يا محمد وقال الفراء هو كقولك للرجل وهو يحدثك وذلك والله الحق فهو في اللفظ بمنزلة الغائب وليس بغائب وانما المعنى ذلك الذي سمعت به واستشهد أبو عبيدة بقوله تعالى حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة فلما جاز أن يخبر بضميرين مختلفين ضمير المخاطب للحاضر وضمير الغيبة عن الغائب في قصة واحدة فكذلك يجوز ان يخبر عن ضمير القريب بضمير البعيد وهو صنيع مشهور في كلام العرب يسميه أصحاب المعاني الالتفات وقيل الحكمة في هذا هنا ان كل من خوطب يجوز ان يركب الفلك لكن لما كان في العادة ان لا يركبها الا الأقل وقع الخطاب أولا للجميع ثم عدل إلى الاخبار عن البعض الذين من شأنهم الركوب وقال أيضا لا ريب فيه لا شك فيه هدى للمتقين أي بيان للمتقين