هو الذي قال له ذلك لأنه ذكره عقب قوله صلى الله عليه وسلّم قد والله استحييت من ربي مما اختلف إليه قال فاهبط وليس كذلك بل الذي قال له فاهبط باسم الله هو جبريل وبذلك جزم الداودي قوله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام قال القرطبي يحتمل أن يكون استيقاظا من نومة نامها بعد الإسراء لأن إسراءه لم يكن طول ليلته وانما كان في بعضها ويحتمل ان يكون المعنى افقت مما كنت فيه مما خامر باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى لقوله تعالى لقد رأى من آيات ربه الكبرى فلم يرجع إلى حال بشريته صلى الله عليه وسلّم الا وهو بالمسجد الحرام وأما قوله في أوله بينا انا نائم فمراده في أول القصة وذلك أنه كان قد ابتدأ نومه فأتاه الملك فأيقظه وفي قوله في الرواية الأخرى بينا انا بين النائم واليقظان أتاني الملك إشارة إلى انه لم يكن استحكم في نومه انتهى وهذا كله ينبني على توحد القصة والا فمتى حملت على التعدد بأن كان المعراج مرة في المنام وأخرى في اليقظة فلا يحتاج لذلك تنبيه قيل اختص موسى عليه السلام بهذا دون غيره ممن لقيه النبي صلى الله عليه وسلّم ليلة الإسراء من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنه أول من تلقاه عند الهبوط ولأن أمته أكثر من أمة غيره ولأن كتابه أكبر الكتب المنزلة قبل القرآن تشريعا وأحكاما أو لأن أمة موسى كانوا كلفوا من الصلاة ما ثقل عليهم فخاف موسى على أمة محمد مثل ذلك واليه الإشارة بقوله فاني بلوت بني إسرائيل قاله القرطبي وأما قول من قال انه أول من لاقاه بعد الهبوط فليس بصحيح لأن حديث مالك بن صعصعة أقوى من هذا وفيه أنه لقيه في السماء السادسة انتهى وإذا جمعنا بينهما بأنه لقيه في الصعود في السادسة وصعد موسى إلى السابعة فلقيه فيها بعد الهبوط ارتفع الاشكال وبطل الرد المذكور والله أعلم