موسى رب لم أظن أن ترفع علي أحدا كذا للأكثر بفتح المثناة في ترفع واحدا بالنصب وفي رواية الكشميهني أن يرفع بضم التحتانية أوله واحد بالرفع قال بن بطال فهم موسى من اختصاصه بكلام الله تعالى له في الدنيا دون غيره من البشر لقوله اني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ان المراد بالناس هنا البشر كلهم وأنه استحق بذلك ان لا يرفع أحد عليه فلما فضل الله محمدا عليه عليهما الصلاة والسلام بما أعطاه من المقام المحمود وغيره ارتفع على موسى وغيره بذلك ثم ذكر الاختلاف في ان الله سبحانه وتعالى في ليلة الإسراء كلم محمدا صلى الله عليه وسلّم بغير واسطة أو بواسطة والخلاف في وقوع الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلّم بعين رأسه أو بعين قلبه في اليقظة أو في المنام وقد مضى بيان الاختلاف في ذلك في تفسير سورة النجم بما يغني عن اعادته قوله ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه الا الله حتى جاء سدرة المنتهى كذا وقع في رواية شريك وهو مما خالف فيه غيره فان الجمهور على ان سدرة المنتهى في السابعة وعند بعضهم في السادسة وقد قدمت وجه الجمع بينهما عند شرحه ولعل في السياق تقديما وتأخيرا وكان ذكر سدرة المنتهى قبل ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه الا الله وقد وقع في حديث أبي ذر ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام وقد تقدم تفسير المستوى والصريف عند شرحه في أول كتاب الصلاة ووقع في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبري بعد ذكر إبراهيم في السابعة فإذا هو بنهر فذكر أمر الكوثر قال ثم خرج إلى سدرة المنتهى وهذا موافق للجمهور ويحتمل ان يكون المراد بما تضمنته هذه الرواية من العلو البالغ لسدرة المنتهى صفة أعلاها وما تقدم صفة أصلها قوله ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى في رواية ميمون المذكورة فدنا ربك D فكان قاب قوسين أو أدنى قال الخطابي ليس في هذا الكتاب يعني صحيح البخاري حديث أشنع ظاهرا ولا أشنع مذاقا من هذا الفصل فأنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر وتمييز مكان كل واحد منهما هذا إلى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفل قال فمن لم يبلغه من هذا الحديث الا هذا القدر مقطوعا عن غيره ولم يعتبره بأول القصة وآخرها اشتبه عليه وجهه ومعناه وكان قصاراه ما رد الحديث من أصله واما الوقوع في التشبيه وهما خطتان مرغوب عنهما واما من اعتبر أول الحديث بآخره فإنه يزول عنه الاشكال فأنه مصرح فيهما بأنه كان رؤيا لقوله في أوله وهو نائم وفي آخره استيقظ وبعض الرؤيا مثل يضرب ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله وبعض الرؤيا لا يحتاج إلى ذلك بل يأتي كالمشاهدة قلت وهو كما قال ولا التفات إلى من تعقب كلامه بقوله في الحديث الصحيح ان رؤيا الأنبياء وحي فلا يحتاج إلى تعبير لأنه كلام من لم يمعن النظر في هذا المحل فقد تقدم في كتاب التعبير أن بعض مرأى الأنبياء يقبل التعبير وتقدم من أمثلة ذلك قول الصحابة له صلى الله عليه وسلّم في رؤية القميص فما أولته يا رسول الله قال الدين وفي رؤية اللبن قال العلم إلى غير ذلك لكن جزم الخطابي بأنه كان في المنام متعقب بما تقدم تقريره قبل ثم قال الخطابي مشيرا إلى رفع الحديث من أصله بأن القصة بطولها انما هي حكاية يحكيها أنس من تلقاء نفسه لم يعزها إلى النبي صلى الله عليه وسلّم ولا نقلها عنه ولا أضافها إلى قوله فحاصل الأمر في النقل انها من جهة الراوي اما من أنس واما من شريك فإنه كثير التفرد بمناكير الألفاظ التي لا يتابعه عليها سائر الرواة انتهى وما نفاه من ان أنسا لم يسند هذه القصة إلى النبي صلى الله عليه وسلّم لا تأثير له فادنى أمره فيها ان يكون مرسل صحابي فاما ان يكون تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلّم