خصصهم بذلك في الأزل قوله يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر هذه الآية مما تمسك بها المعتزلة لقولهم فقالوا هذا يدل على انه لا يريد المعصية وتعقب بأن معنى إرادة اليسر التخيير بين الصوم في السفر ومع المرض والافطار بشرطه وإرادة العسر المنفية الالزام بالصوم في السفر في جميع الحالات فالإلزام هو الذي لا يقع لأنه لا يريده وبهذا تظهر الحكمة في تأخيرها عن الحديث المذكور والفصل بين آيات المشيئة وآيات الإرادة وقد تكرر ذكر الإرادة في القرآن في مواضع كثيرة أيضا وقد اتفق أهل السنة على انه لا يقع الا ما يريده الله تعالى وانه مريد لجميع الكائنات وان لم يكن آمرا بها وقالت المعتزلة لا يريد الشر لأنه لو أراده لطلبه وزعموا ان الأمر نفس الإرادة وشنعوا على أهل السنة أنه يلزمهم ان يقولوا ان الفحشاء مرادة لله وينبغي ان ينزه عنها وانفصل أهل السنة عن ذلك بأن الله تعالى قد يريد الشيء ليعاقب عليه ولثبوت انه خلق النار وخلق لها أهلا وخلق الجنة وخلق لها أهلا وألزموا المعتزلة بأنهم جعلوا انه يقع في ملكه ما لا يريد ويقال ان بعض أئمة السنة أحضر للمناظرة مع بعض أئمة المعتزلة فلما جلس المعتزلي قال سبحان من تنزه عن الفحشاء فقال السني سبحان من لا يقع في ملكه الا ما يشاء فقال المعتزلي أيشاء ربنا أن يعصي فقال السني أفيعصى ربنا قهرا فقال المعتزلي أرأيت أن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن الي أو أساء فقال السني ان كان منعك ما هو لك فقد أساء وان كان منعك ما هو له فإنه يختص برحمته من يشاء فانقطع ثم ذكر البخاري بعد الحديث المعلق فيه سبعة عشر حديثا فيها كلها ذكر المشيئة وتقدمت كلها في أبواب متفرقة كما سأبينه الحديث الأول حديث أنس إذا دعوتم الله فاعزموا في الدعاء أي اجزموا ولا ترددوا من عزمت على الشيء إذا صممت على فعله وقيل عزم المسألة الجزم بها من غير ضعف في الطلب وقيل هو حسن الظن بالله في الإجابة والحكمة فيه أن في التعليق صورة الاستغناء عن المطلوب منه وعن المطلوب وقوله .
7026 - لا مستكره له أي لأن التعليق يوهم إمكان إعطائه على غير المشيئة وليس بعد المشيئة الا الإكراه والله لا مكره له وقد تقدم شرحه في كتاب الدعوات الحديث الثاني حديث علي وقد تقدم شرحه في كتاب التهجد وموضع الدلالة منه قول علي انما أنفسنا بيد الله فإذا شاء ان يبعثنا بعثنا وأقره صلى الله عليه وسلّم على ذلك وقوله .
7027 - فقال لهم وكذا قول علي يبعثنا إشارة إلى نفسه والى من عنده وقوله فيه حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس وأخوه عبد الحميد هو أبو بكر مشهور بكنيته أكثر من اسمه وسليمان هو بن بلال وقد سمع إسماعيل بن سليمان بلا واسطة كما تقدم في عدة مواضع الحديث الثالث حديث أبي هريرة مثل المؤمن كمثل خامة الزرع وقد تقدم شرحه في الرقاق والمراد منه .
7028 - قوله في آخره يقصمها الله إذا شاء أي في الوقت الذي سبقت ارادته أن يقصمه فيه الحديث الرابع حديث بن عمر انما بقاؤكم فيما سلف من قبلكم من الأمم بطوله وقد تقدم شرحه في الصلاة وذكر لقوله في آخره .
7029 - ذلك فضلي أوتيه من أشاء وللاشارة بقوله ذلك إلى جميع الثواب لا إلى القدر الذي يقابل العمل كما يزعم أهل الاعتزال الحديث الخامس حديث عبادة بن الصامت في المبايعة وقد تقدم شرحه في كتاب الإيمان أوائل الكتاب والمراد منه هنا .
7030 - قوله ومن ستره الله فذلك إلى الله ان شاء عذبه وان شاء غفر له الحديث السادس حديث أبي هريرة في قول سليمان عليه السلام لأطوفن الليلة على نسائي وقد تقدم شرحه في أحاديث الأنبياء وبيان الاختلاف في عدد نسائه وذكره هنا بلفظ لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن أي لو قال ان شاء الله كما في الرواية الأخرى وإطلاق الاستثناء على قول