خلقا الا هذا انتهى وقد مضى في تفسير سورة ق من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة يقال لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد فيضع الرب عليها قدمه فتقول قط قط ومن طريق همام بلفظ فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهناك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا وتقدم هناك بيان اختلافهم في المراد بالقدم مستوفى وأجاب عياض بأن أحد ما قيل في تأويل القدم انهم قوم تقدم في علم الله انه يخلقهم قال فهذا مطابق للإنشاء وذكر القدم بعد الإنشاء يرجح أن يكونا متغايرين وعن المهلب قال في هذه الزيادة حجة لأهل السنة في قولهم ان لله ان يعذب من لم يكلفه لعبادته في الدنيا لأن كل شيء ملكه فلو عذبهم لكان غير ظالم انتهى وأهل السنة انما تمسكوا في ذلك بقوله تعالى لا يسئل عما يفعل ويفعل ما يشاء وغير ذلك وهو عندهم من جهة الجواز واما الوقوع ففيه نظر وليس في الحديث حجة للاختلاف في لفظه ولقبوله التأويل وقد قال جماعة من الأئمة ان هذا الموضع مقلوب وجزم بن القيم بأنه غلط واحتج بأن الله تعالى أخبر بان جهنم تمتلئ من إبليس واتباعه وكذا أنكر الرواية شيخنا البلقيني واحتج بقوله ولا يظلم ربك أحدا ثم قال وحمله على أحجار تلقى في النار أقرب من حمله على ذي روح يعذب بغير ذنب انتهى ويمكن التزام ان يكونوا من ذوي الأرواح ولكن لا يعذبون كما في الخزنة ويحتمل ان يراد بالانشاء ابتداء إدخال الكفار النار وعبر عن ابتداء الادخال بالانشاء فهو إنشاء الادخال لا الإنشاء بمعنى ابتداء الخلق بدليل قوله فيلقون فيها وتقول هل من مزيد وأعادها ثلاث مرات ثم قال حتى يضع فيها قدمه فحينئذ تمتلئ فالذي يملؤها حتى تقول حسبي هو القدم كما هو صريح الخبر وتأويل القدم قد تقدم والله أعلم وقد أيد بن أبي جمرة حمله على غير ظاهره بقوله تعالى كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون إذ لو كان على ظاهره لكان أهل النار في نعيم المشاهدة كما يتنعم أهل الجنة برؤية ربهم لأن مشاهدة الحق لا يكون معها عذاب وقال عياض يحتمل ان يكون معنى قوله عند ذكر الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحدا انه يعذب من يشاء غير ظالم له كما قال أعذب بك من أشاء ويحتمل ان يكون راجعا إلى تخاصم أهل الجنة والنار فان الذي جعل لكل منهما عدل وحكمة وباستحقاق كل منهم من غير أن يظلم أحدا وقال غيره يحتمل أن يكون ذلك على سبيل التلميح بقوله تعالى ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات انا لا نضيع أجر من أحسن عملا فعبر عن ترك تضييع الأجر بترك الظلم والمراد أنه يدخل من أحسن الجنة التي وعد المتقين برحمته وقد قال للجنة أنت رحمتي وقال ان رحمة الله قريب من المحسنين وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة والعلم عند الله تعالى وفي الحديث دلالة على اتساع الجنة والنار بحيث تسع كل من كان ومن يكون إلى يوم القيامة وتحتاج إلى زيادة وقد تقدم في آخر الرقاق ان آخر من يدخل الجنة يعطى مثل الدنيا عشرة أمثالها وقال الداودي يؤخذ من الحديث أن الأشياء توصف بغالبها لأن الجنة قد يدخلها غير الضعفاء والنار قد يدخلها غير المتكبرين وفيه رد على من حمل قول النار هل من مزيد على أنه استفهام إنكار وانها لا تحتاج إلى زيادة الحديث الثالث حديث أنس قوله سفع بفتح المهملة وسكون الفاء ثم مهملة هو أثر تغير البشرة فيبقى فيها بعض سواد قوله وقال همام حدثنا قتادة حدثنا أنس تقدم موصولا في كتاب الرقاق مع شرحه وأراد به هنا ان العنعنة التي في طريق هشام محمولة على السماع بدليل رواية همام والله أعلم