إليه قوله تعالى في حق الكفار كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وقال الحافظ صلاح الدين العلائي في شرح قوله في قصة معاذ واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب المراد بالحاجب والحجاب نفي المانع من الرؤية كما نفى عدم إجابة دعاء المظلوم ثم استعار الحجاب للرد فكان نفيه دليلا على ثبوت الإجابة والتعبير بنفي الحجاب أبلغ من التعبير بالقبول لأن الحجاب من شأنه المنع من الوصول إلى المقصود فاستعير نفيه لعدم المنع ويتخرج كثير من أحاديث الصفات على الاستعارة التخييلية وهي ان يشترك شيئان في وصف ثم يعتمد لوازم أحدهما حيث تكون جهة الاشتراك وصفا فيثبت كماله في المستعار بواسطة شيء آخر فيثبت ذلك للمستعار مبالغة في اثبات المشترك قال وبالحمل على هذه الاستعارة التخييلية يحصل التخلص من مهاوي التجسم قال ويحتمل ان يراد بالحجاب استعارة محسوس لمعقول لأن الحجاب حسي والمنع عقلي قال وقد ورد ذكر الحجاب في عدة أحاديث صحيحة والله سبحانه وتعالى منزه عما يحجبه إذ الحجاب انما يحيط بمقدر محسوس ولكن المراد بحجابه منعه أبصار خلقه وبصائرهم بما شاء متى شاء كيف شاء وإذا شاء كشف ذلك عنهم ويؤيده .
7006 - قوله في الحديث الذي بعده وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم الا رداء الكبرياء على وجهه فان ظاهره ليس مرادا قطعا فهي استعارة جزما وقد يكون المراد بالحجاب في بعض الأحاديث الحجاب الحسي لكنه بالنسبة للمخلوقين والعلم عند الله تعالى ونقل الطيبي في شرح حديث أبي موسى عند مسلم حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره أن فيه إشارة إلى ان حجابه خلاف الحجب المعهودة فهو محتجب عن الخلق بأنوار عزه وجلاله وأشعة عظمته وكبريائه وذلك هو الحجاب الذي تدهش دونه العقول وتبهت الأبصار وتتحير البصائر فلو كشفه فتجلى لما وراءه بحقائق الصفات وعظمة الذات لم يبق مخلوق الا احترق ولا منظور الا اضمحل وأصل الحجاب الستر الحائل بين الرائي والمرئي والمراد به هنا منع الأبصار من الرؤية له بما ذكر فقام ذلك المنع مقام الستر الحائل فعبر به عنه وقد ظهر من نصوص الكتاب والسنة ان الحالة المشار إليها في هذا الحديث هي في دار الدنيا المعدة للفناء دون دار الآخرة المعدة للبقاء والحجاب في هذا الحديث وغيره يرجع إلى الخلق لأنهم هم المحجوبون عنه وقال النووي أصل الحجاب المنع من الرؤية والحجاب في حقيقة اللغة الستر وانما يكون في الأجسام والله سبحانه منزه عن ذلك فعرف أن المراد المنع من رؤيته وذكر النور لأنه يمنع من الإدراك في العادة لشعاعه والمراد بالوجه الذات وبما انتهى إليه بصره جميع المخلوقات لأنه سبحانه محيط بجميع الكائنات الحديث الثامن حديث أبي موسى وعبد العزيز بن عبد الصمد هو بن عبد الصمد العمي بفتح المهملة وتشديد الميم وأبو عمران هو عبد الملك بن حبيب الجوني وأبو بكر هو بن أبي موسى الأشعري وقد تقدم ذلك في تفسير سورة الرحمن قوله جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما في رواية حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال حماد لا أعلمه الا قد رفعه قال جنتان من ذهب للمقربين ومن دونهما جنتان من ورق لأصحاب اليمين أخرجه الطبري وبن أبي حاتم ورجاله ثقات وفيه رد على ما حكيته على الترمذي الحكيم ان المراد بقوله تعالى ومن دونهما جنتان الدنو بمعنى القرب لا انهما دون الجنتين المذكورتين قبلهما وصرح جماعة بأن الأوليين أفضل من الأخريين وعكس بعض المفسرين والحديث حجة للأولين قال الطبري اختلف في قوله ومن دونهما جنتان فقال بعضهم معناه في الدرجة وقال آخرون