النحوي عن عكرمة في هذه الآية قال تنظر إلى ربها نظرا وأخرج عن البخاري عن آدم عن مبارك عن الحسن قال تنظر إلى الخالق وحق لها ان تنظر وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة انظروا ماذا أعطى الله عبده من النور في عينه من النظر إلى وجه ربه الكريم عيانا يعني في الجنة ثم قال لو جعل نور جميع الخلق في عيني عبد ثم كشف عن الشمس ستر واحد ودونها سبعون سترا ما قدر على ان ينظر إليها ونور الشمس جزء من سبعين جزأ من نور الكرسي ونور الكرسي جزء من سبعين جزأ من نور العرش ونور العرش جزء من سبعين جزأ من نور الستر وإبراهيم فيه ضعف وقد أخرج عبد بن حميد عن عكرمة من وجه آخر إنكار الرؤية ويمكن الجمع بالحمل على غير أهل الجنة وأخرج بسند صحيح عن مجاهد ناظرة تنظر الثواب وعن أبي صالح نحوه وأورد الطبري الاختلاف فقال الأولى عندي بالصواب ما ذكرناه عن الحسن البصري وعكرمة وهو ثبوت الرؤية لموافقته الأحاديث الصحيحة وبالغ بن عبد البر في رد الذي نقل عن مجاهد وقال هو شذوذ وقد تمسك به بعض المعتزلة وتمسكوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلّم في حديث سؤال جبريل عن الإسلام والايمان والإحسان وفيه أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك قال بعضهم فيه إشارة إلى انتفاء الرؤية وتعقب بأن المنفي فيه رؤيته في الدنيا لأن العبادة خاصة بها فلو قال قائل ان فيه إشارة إلى جواز الرؤية في الآخرة لما أبعد وزعمت طائفة من المتكلمين كالسالمية من أهل البصرة ان في الخبر دليلا على ان الكفار يرون الله في القيامة من عموم اللقاء والخطاب وقال بعضهم يراه بعض دون بعض وأحتجوا بحديث أبي سعيد حيث جاء فيه أن الكفار يتساقطون في النار إذا قيل لهم الا تردون ويبقى المؤمنون وفيهم المنافقون فيرونه لما ينصب الجسر ويتبعونه ويعطي كل انسان منهم نوره ثم يطفأ نور المنافقين وأجابوا عن قوله انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون انه بعد دخول الجنة وهو احتجاج مردود فان بعد هذه الآية ثم أنهم لصالو الجحيم فدل على ان الحجب وقع قبل ذلك وأجاب بعضهم بأن الحجب يقع عند اطفاء النور ولا يلزم من كونه يتجلى للمؤمنين ومن معهم ممن أدخل نفسه فيهم ان تعمهم الرؤية لأنه أعلم بهم فينعم على المؤمنين برؤيته دون المنافقين كما يمنعهم من السجود والعلم عند الله تعالى قال البيهقي وجه الدليل من الآية أن لفظ ناضرة الأول بالضاد المعجمة الساقطة من النضرة بمعنى السرور ولفظ ناظرة بالظاء المعجمة المشالة يحتمل في كلام العرب أربعة أشياء نظر التفكر والاعتبار كقوله تعالى أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ونظر الانتظار كقوله تعالى ما ينظرون الا صيحة واحدة ونظر التعطف والرحمة كقوله تعالى لا ينظر الله إليهم ونظر الرؤية كقوله تعالى ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت والثلاثة الأول غير مرادة اما الأول فلأن الآخرة ليست بدار استدلال وأما الثاني فلأن في الانتظار تنغيصا وتكديرا والآية خرجت مخرج الامتنان والبشارة وأهل الجنة لا ينتظرون شيئا لأنه مهما خطر لهم أتوابه وأما الثالث فلا يجوز لأن المخلوق لا يتعطف على خالقه فلم يبق إلا نظر الرؤية وانضم إلى ذلك أن النظر إذا ذكر مع الوجه انصرف العينين اللتين في الوجه ولأنه هو الذي يتعدى بإلى كقوله تعالى ينظرون إليك وإذا ثبت أن ناظرة هنا بمعنى رائية اندفع قول من زعم أن المعنى ناظرة إل ثواب ربها لأن الأصل عدم التقدير وأيد منطوق الآية حق المؤمنين بمفهوم الآية الأخرى في حق الكافرين أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون وقيدها بالقيامة في الآيتين إشارة إلى أن الرؤية تحصل للمؤمنين