فالرأي إذا كان مستندا إلى أصل من الكتاب أو السنة أو الإجماع فهو المحمود وإذا كان لا يستند إلى شيء منها فهو المذموم قال وحديث سهل بن حنيف وعمر بن الخطاب وان كان يدل على ذم الرأي لكنه مخصوص بما إذا كان معارضا للنص فكأنه قال اتهموا الرأي إذا خالف السنة كما وقع لنا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالتحلل فاحببنا الاستمرار إلى الإحرام وأردنا القتال لنكمل نسكنا ونقهر عدونا وخفي عنا حينئذ ما ظهر للنبي صلى الله عليه وسلّم مما حمدت عقباه وعمر هو الذي كتب إلى شريح انظر ما تبين لك من كتاب الله فلا تسأل عنه أحدا فان لم يتبين لك من كتاب الله فاتبع فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وما لم يتبين لك من السنة فاجتهد فيه رأيك هذه رواية سيار عن الشعبي وفي رواية الشيباني عن الشعبي عن شريح ان عمر كتب إليه نحوه وقال في آخره اقض بما في كتاب الله فان لم يكن فبما في سنة رسول الله فان لم يكن فبما قضى به الصالحون فان لم يكن فان شئت فتقدم وان شئت فتأخر ولا أرى التأخر الا خيرا لك فهذا عمر أمر بالاجتهاد فدل على ان الرأي الذي ذمه ما خالف الكتاب أو السنة وأخرج بن أبي شيبة بسند صحيح عن بن مسعود نحو حديث عمر من رواية الشيباني وقال في آخره فان جاءه ما ليس في ذلك فليجتهد رأيه فان الحلال بين والحرام بين فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
6878 - قوله حدثنا عبدان هو عبد الله بن عثمان وعبدان لقب وأبو حمزة بالمهملة ثم الزاي هو السكري وساق المتن على لفظ أبي عوانة لأنه ساق لفظ عبدان في كتاب الجزية ووقعت رواية أبي عوانة مقدمة على رواية أبي حمزة وساق المتن ثم عطف عليه رواية أبي حمزة وفي آخره فسمعت سهل بن حنيف يقول ذلك قوله قال سهل بن حنيف يا أيها الناس قد تقدم بيان سبب خطبته بذلك في تفسير سورة الفتح وبيان المراد بقول سهل يوم أبي جندل وقوله يفظعنا بالظاء المعجمة المكسورة بعد الفاء الساكنة أي يوقعنا في أمر فظيع وهو الشديد في القبح ونحوه وقوله الا أسهلن بسكون اللام بعد الهاء والنون المفتوحتين والمعنى أنزلتنا في السهل من الأرض أي أفضين بنا وهو كناية عن التحول من الشدة إلى الفرج وقوله بنا في رواية الكشميهني بها ومراد سهل انهم كانوا إذا وقعوا في شدة يحتاجون فيها إلى القتال في المغازي والثبوت والفتوح العمرية عمدوا إلى سيوفهم فوضعوها على عواتقهم وهو كناية عن الجد في الحرب فإذا فعلوا ذلك انتصروا وهو المراد بالنزول في السهل ثم استثنى الحرب التي وقعت بصفين لما وقع فيها من ابطاء النصر وشدة المعارضة من حجج الفريقين إذ حجة علي ومن معه ما شرع لهم من قتال أهل البغي حتى يرجعوا إلى الحق وحجة معاوية ومن معه ما وقع من قتل عثمان مظلوما ووجود قتلته بأعيانهم في العسكر العراقي فعظمت الشبهة حتى اشتد القتال وكثر القتل في الجانبين إلى ان وقع التحكيم فكان ما كان قوله وقال أبو وائل شهدت صفين وبئست صفين كذا لأبي ذر ولغيره وبئست صفون وفي رواية النسفي مثله ولكن قال وبئست الصفون بزيادة ألف ولام والمشهور في صفين كسر الصاد المهملة وبعضهم فتحها وجزم بالكسر جماعة من الأئمة والفاء مكسورة مثقلة اتفاقا والأشهر فيها بالياء قبل النون كماردين وفلسطين وقنسرين وغيرها ومنهم من أبدل الياء واوا في الأحوال وعلى هاتين اللغتين فأعرابها اعراب غسلين وعربون ومنهم من أعربها اعراب جمع المذكر السالم فتتصرف بحسب العوامل مثل لفي عليين وما إدراك ما عليون ومنهم من فتح النون مع الواو لزوما نقل كل ذلك بن مالك ولم يذكر فتح النون مع الياء لزوما وقوله اتهموا رأيكم على دينكم أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي