بين مسألتين وهما حكم شعر الآدمي وسؤر الكلب فذكر الترجمة الأولى واثرها معها ثم ثنى بالثانيه واثرها معها ثم رجع إلى دليل الأولى من الحديث المرفوع ثم ثنى بأدلة الثانية وقول الزهري هذا رواه الوليد بن مسلم في مصنفه عن الأوزاعي وغيره عنه ولفظه سمعت الزهري في إناء ولغ فيه كلب فلم يجدوا ماء غيره قال يتوضأ به وأخرجه بن عبد البر في التمهيد من طريقه بسند صحيح قوله وقال سفيان المتبادر إلى الذهن أنه بن عيينة لكونه معروفا بالرواية عن الزهري دون الثوري لكن المراد به هنا الثوري فإن الوليد بن مسلم عقب أثر الزهري هذا بقوله فذكرت ذلك لسفيان الثوري فقال والله هذا الفقه بعينه فذكره وزاد بعد قوله شيء فأرى أن يتوضأ به ويتيمم فسمى الثوري الأخذ بدلالة العموم فقها وهي التي تضمنها قوله تعالى فلم تجدوا ماء لكونها نكره في سياق النفي فتعم ولا تخص الا بدليل وتنجيس الماء بولوغ الكلب فيه غير متفق عليه بين أهل العلم وزاد من راية التيمم احتياطا وتعقبه الإسماعيلي بان اشتراطه جواز التوضؤ به إذا لم يجد غيره يدل على تنجيسه عنده لأن الظاهر يجوز التوضؤ به مع وجود غيره وأجيب بان المراد أن استعمال غيره مما لم يختلف فيه أولي فأما إذا لم يجد غيره فلا يعدل عنه وهو يعتقد طهارته إلى التيمم وأما فتيا سفيان بالتيمم بعد الوضوء به فلانة رأى أنه ماء مشكوك فيه من أجل الاختلاف فاحتاط للعباده وقد تعقب بأنه يلزم من استعماله أن يكون جسده طاهرا بلا شك فيصير باستعماله مشكوكا في طهارته ولهذا قال بعض الأئمة الأولى أن يريق ذلك الماء ثم يتيمم والله اعلم تنبيه وقع في رواية أبي الحسن القابسي عن أبي زيد المروزي في حكاية قول سفيان يقول الله تعالى فإن لم تجدوا ماء وكذا حكاه أبو نعيم في المستخرج على البخاري وفي باقي الروايات فلم تجدوا وهو الموافق للتلاوة وقال القابسي وقد ثبت ذلك في الأحكام لإسماعيل القاضي يعني بإسناده إلى سفيان قال وما أعرف من قرأ بذلك قلت لعل الثوري حكاه بالمعنى وكان يرى جواز ذلك وكأن هذا هو الذي جر المصنف أن يأتي بمثل هذه العبارة في كتاب التيمم كما سيأتي أن شاء الله تعالى .
168 - قوله عن عاصم هو بن سليمان وبن سيرين هو محمد وعبيدة هو بن عمرو السلماني أحد كبار التابعين المخضرمين أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم بسنتين ولم يره قوله من شعر النبي صلى الله عليه وسلّم أي شيء قوله اصبناه أي حصل لنا من جهة أنس بن مالك وأراد المصنف بإيراد هذا الأثر تقرير أن الشعر الذي حصل لأبي طلحة كما في الحديث الذي يليه بقي عند آل بيته إلى أن صار لمواليهم منه لأن سيرين والد محمد كان مولى أنس بن مالك وكان أنس ربيب أبي طلحة ووجه الدلاله منه على الترجمة أن الشعر طاهر وإلا لما حفظوه ولا تمنى عبيدة أن يكون عنده شعرة واحدة منه وإذا كان طاهرا فالماء الذي يغسل به طاهر