وفيه رد على من جزم كالطبري وقبله بكر بن أخت عبد الواحد وبعده بن حزم بأن النبي صلى الله عليه وسلّم استخلف أبا بكر قال ووجهه جزم عمر بأنه لم يستخلف لكن تمسك من خالفه باطباق الناس على تسمية أبي بكر خليفة رسول الله واحتج الطبري أيضا بما أخرجه بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم رأيت عمر يجلس الناس ويقول اسمعوا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلت ونظيره ما في الحديث الخامس من قول أبي بكر حتى يرى الله خليفة نبيه ورد بأن الصيغة يحتمل ان تكون من مفعول ومن فاعل فلا حجة فيها ويترجح كونها من فاعل جزم عمر بأنه لم يستخلف وموافقة بن عمر له على ذلك فعلى هذا فمعنى خليفة رسول الله الذي خلفه فقام بالأمر بعده فسمى خليفة رسول الله لذلك وان عمر أطلق على أبي بكر خليفة رسول الله بمعنى انه أشار إلى ذلك بما تضمنه حديث الباب وغيره من الأدلة وان لم يكن في شيء منها تصريح لكن مجموعها يؤخذ منه ذلك فليس في ذلك خلاف لما روى بن عمر عن عمر وكذا فيه رد على من زعم من الراوندية ان النبي صلى الله عليه وسلّم نص على العباس وعلى قول الروافض كلها انه نص على علي ووجه الرد عليهم اطباق الصحابة على متابعة أبي بكر ثم على طاعته في مبايعة عمر ثم على العمل بعهد عمر في الشورى ولم يدع العباس ولا علي انه صلى الله عليه وسلّم عهد له بالخلافة وقال النووي وغيره اجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لأنسان حيث لا يكون هناك استخلاف غيره وعلى جواز جعل الخليفة الأمر شورى بين عدد محصور أو غيره وأجمعوا على انه يجب نصب خليفة وعلى ان وجوبه بالشرع لا بالعقل وخالف بعضهم كالأصم وبعض الخوارج فقالوا يجب نصب الخليفة وخالف بعض المعتزلة فقالوا يجب بالعقل لا بالشرع وهما باطلان اما الأصم فاحتج ببقاء الصحابة بلا خليفة مدة التشاور أيام السقيفة وأيام الشورى بعد موت عمر ولا حجة له في ذلك لأنهم لم يطبقوا على الترك بل كانوا ساعين في نصب الخليفة آخذين في النظر فيمن يستحق عقدها له ويكفي في الرد على الأصم انه محجوج بإجماع من قبله وأما القول الآخر ففساده ظاهر لأن العقل لا مدخل له في الإيجاب والتحريم ولا التحسين والتقبيح وانما يقع ذلك بحسب العادة انتهى وفي قول المذكور مدة التشاور أيام السقيفة خدش يظهر من الحديث الذي بعده وانهم بايعوا أبا بكر في أول يوم لتصريحه فيه بان عمر خطب الغد من يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلّم وذكر أبا بكر فقال فقوموا فبايعوه وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة فلم يكن بين الوفاة النبوية وعقد الخلافة لأبي بكر الا دون اليوم والليلة وقد تقدم إيضاح ذلك في مناقب أبي بكر Bه الحديث الثالث قوله هشام هو بن يوسف الصنعاني .
6793 - قوله انه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر وذلك الغد من يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلّم هذا الذي حكاه أنس انه شاهده وسمعه كان بعد عقد البيعة لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة كما سبق بسطه وبيانه في باب رجم الحبلى من الزنا وذكر هناك انه بايعه المهاجرون ثم الأنصار فكأنهم لما انهوا الأمر هناك وحصلت المبايعة لأبي بكر جاؤوا إلى المسجد النبوي فتشاغلوا بأمر النبي صلى الله عليه وسلّم ثم ذكر عمر لمن لم يحضر عقد البيعة في سقيفة بني ساعدة ما وقع هناك ثم دعاهم إلى مبايعة أبي بكر فبايعه حينئذ من لم يكن حاضرا وكل ذلك في يوم واحد ولا يقدح فيه ما وقع في رواية عقيل عن بن شهاب عند الإسماعيلي ان عمر قال أما بعد فاني قلت لكم أمس مقالة لأنه يحمل على أن خطبته المذكورة كانت في اليوم الذي مات فيه النبي صلى الله عليه وسلّم وهو كذلك وزاد في هذه الرواية قلت لكم أمس مقالة وانها لم تكن كما قلت والله ما وجدت الذي قلت