الصارفه للأمر عن الوجوب عند الجمهور التعليل بأمر يقتضي الشك لأن الشك لا يقتضي وجوبا في هذا الحكم استصحابا لاصل الطهاره واستدل أبو عوانة على عدم الوجوب بوضوئه صلى الله عليه وسلّم من الشن المعلق بعد قيامه من النوم كما سيأتي في حديث بن عباس وتعقب بان قوله أحدكم يقتضي اختصاصه بغيره صلى الله عليه وسلّم وأجيب بأنه صح عنه غسل يديه قبل ادخالهما في الإناء حال اليقظه فاستحبابه بعد النوم أولي ويكون تركه لبيان الجواز وأيضا فقد قال في هذا الحديث في روايات لمسلم وأبي داود وغيرهما فليغسلهما ثلاثا وفي رواية ثلاث مرات والتقييد بالعدد في غير النجاسه العينيه يدل على الندبيه ووقع في رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد فلا يضع يده في الوضوء حتى يغسلها والنهي فيه للتنزيه كما ذكرنا أن فعل استحب وأن ترك كره ولا تزول الكراهة بدون الثلاث نص عليه الشافعي والمراد باليد هنا الكف دون ما زاد عليها اتفاقا وهذا كله في حق من قام من النوم لما دل عليه مفهوم الشرط وهو حجة عند الأكثر أما المستيقظ فيستحب له الفعل لحديث عثمان وعبد الله بن زيد ولا يكره الترك لعدم ورود النهي فيه وقد روى سعيد بن منصور بسند صحيح عن أبي هريرة أنه كان يفعله ولا يرى بتركه بأسا وسيأتي عن بن عمر والبراء نحو ذلك قوله قبل أن يدخلها ولمسلم وبن خزيمة وغيرهما من طرق فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها وهي أبين في المراد من رواية الادخال لأن مطلق الادخال لا يترتب عليه كراهة كمن ادخل يده في إناء واسع فاغترف منه بإناء صغير من غير أن تلامس يده الماء قوله في وضوئه بفتح الواو أي الإناء الذي أعد للوضوء وفي رواية الكشميهني في الإناء وهي رواية مسلم من طرق أخرى ولابن خزيمة في إنائه أو وضوئه على الشك والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء ويلحق به إناء الغسل لأنه وضوء وزيادة وكذا باقي الانية قياسا لكن في الاستحباب من غير كراهة لعدم ورود النهي فيها عن ذلك والله أعلم وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي والله أعلم قوله فان أحدكم قال البيضاوي فيه إيماء إلى أن الباعث على الأمر بذلك احتمال النجاسة لأن الشارع إذا ذكر حكما وعقبة بعله دل على أن ثبوت الحكم لاجلها ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط فمات فإنه يبعث ملبيا بعد نهيهم عن تطييبه فنبه على علة النهي وهي كونه محرما قوله لايدري فيه أن علة النهي احتمال هل لاقت يده ما يؤثر في الماء أو لا ومقتضاه الحاق من شك في ذلك ولو كان مستيقظا ومفهومه أن من دري أين باتت يده كمن لف عليها خرقة مثلا فاستيقظ وهي على حالها أن لا كراهة وأن كان غسلها مستحبا على المختار كما في المستيقظ ومن قال بان الأمر في ذلك للتعبد كمالك لا يفرق بين شاك ومتيقن واستدل بهذا الحديث على التفرقه بين ورود الماء على النجاسة وبين ورود النجاسة على الماء وهو ظاهر وعلى أن النجاسة تؤثر في الماء وهو صحيح لكن كونها تؤثر التنجيس وأن لم يتغير فيه نظر لأن مطلق التاثير لا يدل على خصوص التاثير بالتنجيس فيحتمل أن تكون الكراهة بالمتيقن أشد من الكراهة بالمظنون قاله بن دقيق العيد ومراده أنه ليست فيه دلاله قطعيه على من يقول أن الماء لا ينجس الا بالتغيير قوله أين باتت يده أي من جسده قال الشافعي C كانوا يستجمرون وبلادهم حارة فربما عرق أحدهم إذا نام فيحتمل أن تطوف يده على المحل أو على بثرة أو دم حيوان أو قذر غير ذلك وتعقبه أبو الوليد الباجي بان ذلك يستلزم الأمر بغسل ثوب النائم لجواز ذلك عليه وأجيب بأنه محمول على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل أو أن المستيقظ لا يريد غمس ثوبه في الماء حتى يؤمر